الثلاثاء 4 أبريل 2023 03:07 مساءً - حوار تقوى فتح الرحمن
الخرطوم 5-3-2023-(سونا)- أضحت قضية الفقر من أهم القضايا التي تعاني منها المجتمعات خاصة الدول النامية والدول الأقل نموا، وأصبحت هذه القضية تؤرق الدول والحكومات والمؤسسات المالية والاقتصادية خاصة على مستوى الأمم المتحدة ومنظماتها غيرها من المؤسسات، وبرزت كثير من التكتلات الإقليمية والدولية من أجل إيجاد حلول لهذه الظاهرة المتنامية في ظل متغيرات مناخية وبييئة حادة؛ زادت من حجم المشكلة وأدت إلى ظواهر اللجوء والنزوح والهجرات من دول العالم الثالث إلى الدول الأكثر نموا. السودان من تلك الدول وعلى الرغم مما يمتلكه من امكانيات كبيرة وموارد مختلفة، إلا أن هنالك عوامل كثيرة أدت إلى عدم الاستفادة منها مما ساهم في تفاقم الفقر. وعمدت الكثير من المؤسسات إلى إيجاد حلول لهذه المشكلة التي باتت تهدد الاستقرار الاجتماعي. وفي هذا الإطار أجرت وكالة السودان للأنباء حوار مع مفوض مفوضية الأمان الإجتماعي والتكافل وخفض الفقر الأستاذ عز الدين الصافي للتعرف أكثر على المفوضية وأدائها والعقبات التي تواجهها ودورها في خفض حد الفقر.
س: هنالك ضبابية في مفهوم الضمان الاجتماعي، مدخلا لهذا اللقاء ما الفرق بين الأمان الإجتماعي والضمان الاجتماعي وما هي أوجه التداخل بينهما؟
ج : الأمان الإجتماعي والضمان الاجتماعي جميعها معاني لمصطلحات تصب في الحماية الاجتماعية للجميع، ونحن كدولة معنيين بتقديم الخدمات المختلفة للحماية الاجتماعية للإنسان من المهد إلى اللحد. والان لدينا برامج تستهدف النساء الحوامل منذ أن يكون عمر الطفل شهرين إلى أن يبلغ الف يوم، وكذلك حينما يصل المواطن سن المعاش لدينا التأمينات الاجتماعية تتابع حالة المواطن إلى ما بعد سن المعاش وكل هذا وفق برامج ومبادرات وسياسات وتشريعات. والامان الاجتماعي يستهدف تحسين سبل حياة الأسر الأكثر فقرا وكيفية تأمين حياتهم. هنا يوجد تدخلات وسياسات وتشريعات لكيفية اخراج الفقراء من دائرة الفقر إلى دائرة الإنتاج، الضمان الاجتماعي هو كذلك يوفر الحماية الاجتماعية ولكن بوسائل قد يكون المواطن مساهم فيها، مثل المعاش والذي يوفر ضمان اجتماعي ولكن يساهم فيه المواطن بجزء من مرتبه لتوفير خدمة معينة. كذلك التأمين الصحي هو ضمان اجتماعي ولكن فيه مساهمة من وزارة المالية للأسر الأكثر فقرا لتلقي الخدمات الصحية وقد يكون المواطن مساهم فيه.
س :ألا تجدون تضاد بين السياسات الاقتصادية التي تنتجها الدولة ومساهمتها في حدة الفقر بينما تعملون انتم وانتم جزء من الحكومة في التقليل من آثار حدة الفقر؟ أم أن هنالك تكامل في السياسات؟
ج :السياسات التي انتهجتها الحكومة الآن هي سياسات إصلاح اقتصادي، وهي سياسات أنتجت المزيد من الفقراء لأن هذه السياسات كان يفضل ان تواجه الظروف الاقتصادية التي تنشأ عنها، مثلا سياسة رفع الدعم سواء كان عن المحروقات أو رفع الدعم عن المنتجات الغذائية، لديها آثار كبيرة جدا جدا على عاتق المواطن. وبرنامج دعم الأسر السودانية ثمرات هو جاء لتخفيف هذه الآثار، توقف البرنامج والإصلاحات مستمرة. وهذا ما زاد المعاناة واضاف فقراء جدد للفقراء الذين تعمل الدولة على رفع المعاناة عنهم وتحويلهم إلى منتجين فلم ترفع الدولة المعاناة عنهم واضافت لهم أعباء سياسات الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها.
س : كم من الأسر تمت تغطيتها وكيف وما هي أوجه الصرف وكم كان الصرف في العام المنصرم؟ وما هي الميزانية للعام المقبل؟
ج : المفوضية لديها برامج تستهدف الأسر الأكثر فقرا على الإطلاق، برامج جزء منها دعم نقدي الممول فيه وزارة المالية وفي العام المنصرم وصلنا إلى أكثر من مائتي ألف أسرة بتحويلات نقدية بلغت حوالي 4,000,000,000 جنيه وهي مثلت أقل من 40 في المئة من الميزانية المعتمدة من قبل وزارة المالية في العام 2022 للتحويلات النقدية بلغت حوالي 14,000,000,000 جنيه، ولكن وفرت منها حوالي 4,000,000,000 جنيه أو 4,000,000,000 إلا، وبالتالي تمكنا من الوصول لهذه الأسر ولكن فقط لثلاثة أشهر من السنة. يعني التحويلات النقدية المفروض تصل ل12 شهر وصلت لثلاتة شهور وبعض الناس أخذو حتى الشهر الرابع.
س :. ما هي ابرز المشروعات التي خُططت من قبل المفوضية ومساهمتها في تحقيق الأمان الإجتماعي وخفض حدة الفقر لهذا العام؟
ج . لدينا مشروع حزمة الدعم للأمومة والطفولة المنفذة بشرق السودان هذا المشروع اسمه (mothre and chaild cash transfer) استهدف 50,000 سيدة حامل في ولايتي كسلا والبحر الأحمر. بدعم فني من اليونيسيف وبتمويل من دولة ألمانيا. في منتصف العام 2020 بدأ التمويل وبلغ في الدفعة الأولى 22,000,000 دولار. وتمت الموافقة على الدفعة الثانية وبسبب 25 أكتوبر جمدت الدفعة الثانية، ولكن تواصلنا مع برنامج الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف ومع المانحين وتمكنا من إستمرار هذا المشروع لأن المستفيد الأول هي المرأة الحامل والتي نوفر لها ولجنينها الغذاء والصحة، وكذلك حملة الإصحاح التوعوي، ومن هنا نشكر دولة ألمانيا على مواصلتها في دعم هذا المشروع رغم توقف معظم المشروعات التي كانت تدعم الحكومة ما قبل 25 أكتوبر. واستمر هذا المشروع والآن وصلنا إلى أكثر من 22,000 إمرأة بالتحويلات النقدية. أيضا وقعنا اتفاقية مع دولة ألمانيا وبإشراف اليونسيف لتوسعة هذا المشروع في وسبع ولايات أخرى ولكن مؤسف هذه الاتفاقية أيضا تم تعليقها الآن بعد 25 أكتوبر وبالتالي 25 أكتوبر وقع عبء ثقيل جدا جدا على المواطنين وعلى مشروعاتنا نحن في المفوضية.
س :. إلى أي مدى يساهم الاستقرار السياسي فضلا عن الأوضاع الأمنية في تفاقم حدة الفقر؟ وما هي القراءة التي خرجتم بها من اخر مسوحاتكم الدورية وخرائط الفقر؟ هل هنالك تلازم بين حدة الفقر ومناطق النزاع في البلاد؟
ج :. السودان يزخر بموارد طبيعية ضخمة والسبب الأساسي في عدم استغلال هذه الموارد هو عدم الاستقرار السياسي، لأن الوقت الذي نهض فيه العالم خلال ال30 سنة الماضية نحن رزحنا في العزلة الدولية والفقر ولم نستفد من العولمة والتقنية التي انتشرت في كل العالم في إدارة مواردنا الطبيعية؛ لذلك فقدنا زمن طويل جدا جدا رزح السودان فيه في فقر وفي فاقة وفي حروب عبثية إلى أن ما وصلنا إلى ما وصلنا اليه. والآن هناك فرصة كبيرة تلوح في الأفق إذا ما استغلت، وهي فرصة استقرار سياسي متوقعة الآن و اتفاق سياسي نرجو له أن يتم، حتى إن نستطيع على الأقل الاستفادة من المنح التي تم تعلقا. قبل 25 أكتوبر كانت هنالك تمويلات قادمة من برنامج اسمه الايدا قيمتها 2,000,000,000 دولار توقفت هذه التمويلات بسبب 25 أكتوبر. وكان هنالك أيضا فرصة لتمويل من بنك إكزيما الأمريكي وصلنا فيه لتفاهمات متقدمة ب2,000,000,000 لدعم البنى التحتية توقف هذا التمويل بفعل 25 أكتوبر أو بفعل عدم الاستقرار السياسي. وعدد كبير من الفرص نحن فقدناها نرجو أن يكون هناك اتفاق سياسي واستقرار سياسي حتى نتفرغ جميعا إلى إعادة بناء ما دمرته الحرب والمساهمة جميعا في تحويل السودان من دولة حاليا مرهق فيها المواطن رغم الموارد الطبيعية إلى دولة مستقرة ودولة رفاه اجتماعي.
س :. بما انكم تسعون إلى تحقيق العدالة الاجتماعية كأحد أهداف المفوضية، هل تشاركون في مفاوضات السلام والاتفاقات التي تعقد، وهل تلعبون اي دور فيها باعتباركم جهة فنية ذات علم ودراية بمحددات الفقر وعلاقته بالوضع الأمني والسياسي والاقتصادي في السودان؟
ج:. نحن نحضر للمشاركة في ورش مخاطبة القضايا الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي لدينا أوراق عمل نحضر فيها الآن، فيها من البيانات ما يفيد جدا لرسم خارطة اقتصادية واجتماعية تساعد على وضع خطة اقتصادية واجتماعية تساعد على النهوض بالبلد متى ما طلب منا ذلك. كذلك الآن توجد دراسات ومسوحات، والآن الجهاز المركزي للإحصاء يعمل على المسح العنقودي للفقر المتعدد الأبعاد، ويتوقع أن تصل نتائجه بنهاية هذا الشهر أو الأسبوع الأول من شهر مارس. هذه النتائج يمكن أن ترفد أيضا هذه الورش ببيانات حديثة جدا جدا فيها نسب أقرب لأن تكون دقيقة من التقديرات السابقة لمستويات الفقر في السودان.
س: يكثر الحديث من قبل المنظمات عن انعدام الأمن الغذائي في السودان خاصة في مناطق النزاع، في رأيكم ما هي المعايير المطبقة وهل تتطابق مع معاييركم؟ وبكم تقدر نسبة الفقر وسط الأسر السودانية في هذه المناطق؟
ج : نحن ذكرنا في السابق انه حتى الآن لا توجد لدينا إحصاءات دقيقة عن نسب الفقر في السودان. وآخر دراسة أو مسح للفقر كان في العام 2009 و2011 و2014 عبارة عن معالجة لإسقاطات، ولكن حتى العام 2014 نفسه المسح أشارت فيه التقديرات لأكثر من 65 % من السودانيين تحت خط الفقر. هنالك دراسات جاءت لاحقا ولكن الدولة قد لا تعتمدها لأنها جاءت من منظمات، فبرنامج الأمم المتحدة للغذاء العالمي في العام 2022 هدد بأن 14,000,000 سوداني يعانون من نقص حاد للغذاء وبالتالي هذه نسبة كبيرة جدا، رغم أننا نمتلك 225,000,000 فدان صالح للزراعة المستغل منها فقط 25 في المئة وبالتالي من غير المنطقي في ان السودان والمواطن السوداني يعاني من نقص الغذاء، فهذا غير مبرر وغير منطقي. والدراسات التي يعمل عليها الجهاز المركزي للإحصاء يمكن أن تأتي بتقديرات أكثر دقة وهذا ما ننتظره في مارس إن شاءالله.
س 8. كيف تشجعون القطاع الخاص على المساهمة في برامج خفض الفقر؟ وهل هنالك نماذج لمساهمة القطاع الخاص في هذا المجال؟
ج :. القطاع الخاص دوره مهم للغاية وهنا يأتي دور المفوضية في تنسيق الجهود المتعلقة بربط القطاع الخاص مع القطاع العام مع عمل المنظمات الأجنبية العاملة في مجال القضاء على الفقر. هنالك نموذج ممتاز جدا جدا فيه مساهمة مهمة للقطاع الخاص لمساعدة الفقراء للخروج من دائرة الفقر. وأعتقد المسؤولية الاجتماعية تلزم الشركات الخاصة وتلزم القطاع الخاص على الأقل ب 5% من عائدهم يذهب إلى برامج الحماية الاجتماعية والمسؤولية الاجتماعية، لخفض معدلات الفقر فكما هو معلوم ان لنشاط الشركات والمصانع آثار بيئية واجتماعية واقتصادية، تؤثر كذلك على المواطن وبالتالي من واجب القطاع الخاص بأن يخصص ال5% حتى 12% للمسؤولية الاجتماعية حتى تخفف من حدة الآثار السالبة الناجمة من الأعمال المختلفة. لدينا برنامج قد يسهم فيه القطاع الخاص والأمم المتحدة والحكومة هو برنامج كبير سميناه الاكسلريترز الآن نعد فيه، قد يكون برنامج للحكومة في تخفيض حدة الفقر بحلول العام 2030 أو حتى مناصفة الفقراء يعني نحن نتحدث انه بحلول عام 2030 رؤيتنا ان يكون على الأقل الفقر انخفض ل 30% وهذا ممكن جدا جدا فقط بتضامن وتضافر جهود المستويات المختلفة الحكومية الرسمية منها والقطاع الخاص والأمم المتحدة.
س:. من هم شركاء المفوضية وما هي مصادر تمويلها؟
ج :. مصادر التمويل الأساسية هي وزارة المالية بالإضافة للمنظمات، لدينا بعض المشروعات بتمويل مباشر من وزارة المالية، مثلا برنامج الدعم النقدي الذي يستهدف الأسر الأكثر فقرا، وبرنامج التمويل الأصغر ونسميه التمويل متناهي الصغر. هذا البرنامج أيضا ممول من ديوان الزكاة ومن وزارة المالية بحيث يساعد في تحويل الفقراء إلى منتجين. كذلك وفي العام الماضي نفذنا أكثر من ستة محطات مياه تعمل بطاقة الشمسية في عدد من ولايات السودان، أيضا بتمويل كامل من وزارة المالية عبر برنامج اسمه البرنامج التنموي الشامل. وبالتالي تمويلاتنا في الفترة السابقة جاءت من وزارة المالية، ولكن أيضا البنك الدولي من شركاء السودان نفذنا معه مشروع دعم الأسر السودانية (ثمرات) وصلنا فيه إلى أكثر من 415,000 في أسرة بالتحويلات النقدية أيضا جاءت من بدعم من المانحين وبالتالي التمويلات تكون بشراكة ما بين وزارة المالية (حكومة السودان والمانحين).
س :. ما هي أكبر التحديات التي تواجه المفوضية وتحول دون تحقيقها لأهدافها المنشودة؟
ج :. والمفوضية هي حديثة النشأة وكانت مركز لخفض الفقر ولكنها في 2018 أصدر القرار بترفيعها إلى مفوضية، ولكن ما زال البناء المؤسسي للمفوضية في مراحله النهائية والآن تمت إجازة الهيكل الوظيفي بطرح وظائف عامة وهي فرصة لكل السودانيين إلى تقديم لوظائف المفوضية في الشهر المقبل عبر لجنة الاختيار وفيها مختلف الدرجات القيادية منها والمتوسطة ومداخل الخدمة. ولكن تظل التحديات هي شح التمويل، الآن التمويلات الخارجية وقفت بالكامل، والتمويلات الخارجية تعاني من عجز كبير؛ حيث أن وزارة المالية في العام الماضي لم تفي بكل التزاماتها نتيجة الوضع الراهن ونتمنى أن تفي هذا العام بالتزاماتها. ونحن في هذا العام زدنا عدد الأسر المستهدفة من 200,000 إلى 300,000 أسرة وزدنا كذلك زدنا الدعم النقدي في الشهر من 5000 إلى 25,000 جنيه في الشهر. وتم اعتماد هذه الميزانية من قبل وزارة المالية ولكن حتى الآن لم تصل التحويلات النقدية، "ونحن نتحدث عن مواطن الآن التحويلات النقدية إذا وصلتوا بتساهم لحد كبير في سد رمقه".