باسل النجار = الرياض في الاثنين 25 مارس 2024 11:41 مساءً - احتل المسلسل المصري «الحشاشين» اهتمام الكثير من المشاهدين المصريين والعرب في موسم دراما رمضان الجاري، وأثار جدلاً بسبب تفاصيله التاريخية وتصدر «ترند» موقع «إكس» أكثر من مرة بجانب ترند «غوغل».
وفيما يتناول المسلسل الذي تم تصويره في 6 دول هي لبنان وسوريا والأردن وكازاخستان ومالطا ومصر؛ فترة تاريخية مهمة، تبدو غير معروفة لدى قطاع كبير من الجمهور، فإنه يمثل كذلك حالة فنية «مميزة»، بحسب وصف متابعين ونقاد أشادوا بمستوى التصوير، والمونتاج، والغرافيك، والديكور، والموسيقى التصويرية، بالعمل.
لكن هل حقق «الحشاشين» نقلة في مسار الدراما التاريخية العربية التي قطعت خطوات مهمة في أعمال لافتة من بينها مسلسلات «الطارق»، و«الزير سالم»، و«عمر» و«ربيع قرطبة» و«ملوك الطوائف».
ورغم تناول قصص تاريخية مهمة في عدد من الأعمال التاريخية العربية، فإن صناع فن اعتبروا أن تكنيكات تصوير «الحشاشين» وجودته وتصميم معاركه وتصويره في أكثر من دولة بأماكن مفتوحة، كلها أمور جعلته يحظى باهتمام وإعجاب المشاهدين.
المخرج السوداني أمجد أبو العلا كتب عبر حسابه بـ«فيسبوك» معلقاً على المسلسل قائلاً: «الحلقة 11 والإتقان في المعارك، وأداء الفرسان الثلاثة، ورسم مشاعرهم، وأداء كريم وإخراج بيتر وكل حاجة، شيء لم يقدم في الدراما العربية، ولا حتى في العصر الذهبي للدراما التاريخية السورية التي أعشقها».
بحث عميق
واتفق معه الناقد الكويتي عبد الستار ناجي، قائلاً إن المسلسل «عبارة عن منظومة إبداعية متكاملة تجمع أهم المبدعين المتخصصين كالموسيقار التونسي أمين أبو حافة والكاتب المصري عبد الرحيم كمال الذي يقدم لنا بحثاً عميقاً في الطوائف المتطرفة في الإسلام، والمخرج المميز بيتر ميمي الذي يصوغ لنا رؤية بصرية ثرية، لتحقيق عمل كبير يتجاوز كل ما هو دارج ومكرر».
وأضاف ناجي: إننا «أمام تجربة استثنائية لعمل يمثل نقلة كبرى ليس على صعيد الدراما المصرية فحسب، بل على المستوى العالمي عبر بحث ثري في كل شيء».
وعبّر ناجي عن «إعجابه بالنص الذي صاغه الكاتب عبد الرحيم كمال واعتبره «يؤسس لمرحلة جديدة من تاريخ الكتابة الدرامية التي تعري الأباطيل والأبطال والتاريخ».
العمل المكون من 30 حلقة والذي كتبه المؤلف عبد الرحيم كمال، وأخرجه بيتر ميمي؛ تدور أحداثه في القرن 11 الميلادي، حول فرقة «الحشاشين» التي أثارت الفزع والخوف في زمنها، واغتالت عدداً من الشخصيات المهمة والأمراء، بقيادة مؤسسها «حسن الصباح»، الذي يؤدي دوره كريم عبد العزيز، مع مجموعة من نجوم مخضرمين من بينهم فتحي عبد الوهاب، وأحمد عيد، وميرنا نور الدين، ونيقولا معوض.
رؤية فلسفية
ووصف الناقد العراقي مهدي عباس «الحشاشين» بأنه عمل سيبقى في الذاكرة العربية طويلاً، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه يعد أهم عمل رمضاني عربي لعام 2024 على كل المستويات إذ يقدم رؤية فكرية فلسفية عن العنف الذي ينتج عن معتقدات خاطئة غير سوية دخلت إلى الإسلام ولا زالت موجودة ليومنا هذا تحت تسميات مختلفة، حيث استطاع المخرج (الذكي) بيتر ميمي أن يوظفها بشكل أقرب إلى الخيال والسحر الدرامي الذي جذب الجمهور وهو يتابع عملاً بهذه الحرفية العالية، فالمعركة في الحلقة 11 ذكرتنا بأفضل المعارك في السينما العالمية».
واستوقفت جملة «أباطيل وأبطال، من وحي التاريخ» أسفل عنوان المسلسل، الناقد المصري أشرف غريب الذي يرى أنها حررت صناع العمل من فكرة أنهم يقدمون عملاً تاريخياً بحتاً، لأن الفترة الزمنية للمسلسل التي تبدأ من القرن 11 وما بعده، هي فترة مثار خلاف كبير، لكن الحقيقة المؤكدة في المسلسل هي جماعة الحشاشين وحسن الصباح الذي روع العالم القديم وأرهبه باسم الدين.
ويضيف غريب لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «يقدم عبد الرحيم كمال عملاً سياسياً من طراز فريد تحت مظلة تاريخية، وهذا لا يعيبه ولا يعيب صناع العمل، والدقة التاريخية هنا غير مطلوبة لأنه عمل يستوحي التاريخ، لكن بالتأكيد خيال الكاتب له دور كبير».
إبهار فني
ويؤكد غريب أن «الحشاشين» من أكثر المسلسلات إبهاراً وضخامة في الإنتاج مشيداً بأداء أبطاله، معتبراً مسلسل «الحشاشين» أحد أهم الأعمال التي تعيد للدراما المصرية قدر كبير من ريادتها وأنه سيعُلي حتماً من مستوى إنتاجاتها المقبلة ويدفع بها لآفاق جديدة.
وقال مهندس ديكور مسلسل «الحشاشين» أحمد فايز إن «المسلسل يأخذ الدراما التاريخية العربية لوجهة مختلفة شكلاً ومضموناً، وإنه يمثل نقلة نوعية فيهاً»، مشيراً إلى أن «العمل كان فرصة جيدة لإثبات قدرة صناع الدراما المصرية على تقديم أعمال تاريخية بمستوى فني كبير».