باسل النجار = الرياض في الخميس 2 مايو 2024 03:53 مساءً - بقلم خيري حسن
على باب شقتها بحي جاردن سيتي بوسط القاهرة وقفت الفنانة القديرة نادية لطفى – كان ذلك يوم 2 إبريل من عام 1981 – تودع الأديب الشاب في ذلك الحين يحيى الطاهر عبدالله – اليوم 30 إبريل ذكري ميلاده – وهى تتحدث وتتناقش معه فى عدة ملفات وقضايا وحكايات عن السينما والثقافة والسياسة …والحياة!
الآن الأسانسير وصل ووضعت نادية لطفي يدها على بابه حتى ينتهي الكلام بينهما ثم قالت:
— “مع السلامة يا يحيى”
— “الله يسلمك”.
ثم أكمل كلامه – أو وداعه لها – قائلاً:
“في المرة المقبلة سنواصل الكلام عن بعض ملامح سيناريو الفيلم، الذي يدور في ذهني، والذي أراكِ أنتِ البطلة فيه”!
— ابتسمت ثم قالت:”اتفقنا”!
ثم غابت البسمة عن ملامح وجهها الطازج الجميل قليلاً، قبل أن تكمل كلامها قائلة:
“بمناسبة الحلم الذي رأيته، أنا أقول لك إنه لن يتحقق يا صديقي”!
ثم واصلت قولها:
“أعتقد يا صديقي العزيز أن الموت أذكى من أن يخطف أمثالك يا يحيي”!
هز رأسه متمتماً بكلمات لم تسمعها جيداَ ثم واصلت كلامها قائلة:
“أما عن حادث السيارة الذي رأيته في حلمك، فهو ( من الآخر كده يا صديقي) مجرد حلم؛ فلا تفكر فيه كثيراً”!
كانت نجمة ذلك الزمان، وما قبله، وفاتنة أجيال كاملة، وحلمهم الأسطوري، تتحدث إلى الشاب الصعيدي الواقف أمامها والذي جاء للقاهرة من محافظة قنا جنوب مصر قبل سنوات – مع عبد الرحمن الأبنودى وأمل دنقل – حاملاً معه إبداعه، وعبقريته، وتفرده في كتابة القصة القصيرة وهو يهز رأسه، ويضغط بيده على باب الأسانسير حتى لا يهرب منه. وقلبه يهفو إلى حديثها السلس، وصوتها الدافئ. أما عقله فقد استسلم تماماً، دون أدنى مقاومة لفكرة الموت!
ليرد قائلاً: “عموماً.. أعمار يا نادية”!
سألته وهى تختم كلامها:
“هل سأراك الأسبوع المقبل، لنكمل معاً العمل على مشروع الفيلم”؟
قال بعدما وضع قدمه الأولى فى الأسانسير:
“لا أظن”!
ثم ألقى نظرة حزينة عليها قائلاً: وداعاً!
ردت:” مع السلامة يا يحيى”!.
بعد 9 أيام من ذلك اللقاء مات يحيى الطاهر عبدلله فى حادث السيارة المأساوى الشهير فوق رمال صحراء الوادي الجديد كما توقع هو لنفسه، ولم يعد إليها كما توقعت هي له.
وبعد مرور 38 سنة – من هذا اللقاء ماتت نادية لطفي لتلحق بصديقها الذي تركها على “باب” الأسانسير ، فربما يلتقيان معاَ على “باب” الله؟!
….دنيا!
• الأحداث حقيقية ..والسيناريو من خيال الكاتب.
• المقال: “يعتني بالسرد وبالتوصيف لا بالتحليل”.
• إعادة نشر مع بعض التعديل.