عالم الفن والمشاهير

حمدي رزق : حدوتة أحمد قاعود

باسل النجار = الرياض في السبت 21 سبتمبر 2024 12:14 مساءً - حمدي رزق :

حدوتة أحمد قاعود

مدين لرسام الكاريكاتير الراحل «أحمد قاعود» بكلمات، ادخرتها لحين اللقاء، فغادرنا إلى السماء، يرحمه الله.

نودع رسامًا بليغًا، والرسم البليغ ينطق دون تعليق، ينطق بما استبطنه الرسام وعبرت عنه ريشته، وكان صمت قاعود بليغًا، حتى في مرضه لم يشكُ ألمًا، وكان صبورًا شاكرًا ربه، وهذا من شيم الصالحين.

سأفتقد إطلالته على صفحات وموقع «اليوم السابع»، ظل قاعود يطل من نافذته علينا كل حين، مبدعًا بريشة تنضح وطنية ومصرية ومحبة للخير والجمال، رافضة للشر، مناضلة ضد أعوانه، منافحة عن الحياض المقدسة، داعمة للدولة الوطنية ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.

 

المرحوم «قاعود» نموذج ومثال، حوّل محنته المرضية إلى منحة، وارتقى فوق آلامه، ظل بدأب ينسج من الألم أملًا، يهبنا أملًا، ولا يبخل علينا بالأمل، وعنوانه الأثير «عيش بالأمل»، والأمل لولاه علَيّا، وبالأمل يحلو طعم الأيام في النفوس الصابرة، كما صبر أيوب، «إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا» (سورة ص/ ٤٤).

 

لم ألتقِ به مؤخرا، ولكن تابعت أعماله التي تزين موقع وصحيفة «اليوم السابع» باحترام، يورثك نفَسًا إضافيًّا، جرعة أكسجين، أفكاره ليست من قبيل الرفاهية الكاريكاتورية، ريشته تغرز في اللحم الحى، مسخرة لنصرة وطن يستحق الحياة، مشتبكة مع الحالة النضالية التي يمر بها وطن يتشوق للأمن والأمان والاستقرار والرفاهية.

 

قاعود لم يركن إلى محنته يطلب عطفًا، بل كل ذى إصرار يعجب الشطار، يفرض وجوده بأعماله التي تشكل طلقات تصيب أهدافًا، فتُرْدِى القبح وترنو إلى الجمال، ريشة مقاتلة، يصطف في طابور الأشداء المنافحين عن أغلى اسم في الوجود.

 

معرض قاعود الأخير، وربما الأول الذي احتضنته مكتبة الإسكندرية في بيت السنارى، كان بمثابة جائزة مستحقة من محبيه، وأقرانه، جماعة الكاريكاتير المصرى التي تكافح من أجل بقاء الريشة في أيدٍ مسكونة بالإبداع الوطنى.

الراحل الجميل كان بحق فنانًا من جملة فنانين يقاومون، ويرسمون، وينشرون، ولا يأبهون، ولا يخشون لومة لائم في رسمة تحمل بصمة فنان وطنى.

 

مثل قاعود، الله يرحمه، كمثل الصابر على المحنة، قادر رغم تعبه وألمه على أن يرسم ويبدع وينشر أعماله لتطالعها النظارة بإعجاب وإطراء حلو، على قلبه زى العسل، كان يشكر متلعثمًا من الخجل الإنسانى.

 

معرض قاعود الأخير حمل عنوانًا بليغًا «قاعود حدوتة مصرية»، عنوان على مسمى، كاسم على مسمى، حدوتة مصرية، ترك لنا قاعود ما تيسر من أحلامه في لوحات، ليت يصدر بها كتاب عن «اليوم السابع» وليس بكثير على «الشركة المتحدة» تكريم قاعود بكتاب يحمل حدوتة مصرية اسمها أحمد قاعود، يرحمه الله.

 

Advertisements
Advertisements

قد تقرأ أيضا