انت الان تتابع خبر عن شاهد .. خاص- طارق سويد يكشف عن الدافع وراء قيامه بمبادرة " أعطونا الطفولة " ويقول : "هذه الأصوات ما زالت محفورة بذاكرتي " ونترككم الان مع اهم التفاصيل
صنعاء - عبدالجليل فارس - طارق سويد، الممثل ومقدم البرامج اللبناني، أطلق مبادرة "أعطونا الطفولة" التي تهدف إلى دعم الأطفال في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها. من خلال هذه المبادرة، يسعى سويد إلى توفير بيئة آمنة ومريحة للأطفال، إذ يساهم في تخفيف التوتر النفسي عنهم ويشجعهم على التعبير عن مشاعرهم بشكل إيجابي.
وكان لموقع الفن هذه المقابلة مع طارق سويد، والتي تحدث لنا فيها عن الدافع وراء قيامه بهذه المبادرة وسبب تركيزه على الأطفال، كما كشف لنا عن أعماله الجديدة.
أطلقتَ مبادرة "أعطونا الطفولة" لدعم الصحة النفسية للأطفال، ما الذي دفعك لاختيار التركيز على الأطفال تحديداً في ظل هذه الظروف الصعبة؟
أؤمن بأن لكل شخص منا القدرة على إنجاز شيء ما في المجال الذي يعرفه ويملك فيه المهارات اللازمة. وكل فرد إذا بحث عن قدراته سيجد أنه يستطيع إحداث تغيير في مكان معين. لقد اعتمدت على دراستي وخبرتي كأستاذ مسرح وكتابة، وقررت الإجتماع مع زملائي من أيام الجامعة وطلابي الذين أخذوا معي دروسًا في الكتابة والتمثيل، كما أنهم متخصصون في مجالات متصلة بالمسرح وعلم النفس. وبعد اجتماعنا، أعددنا برنامجًا ثابتًا ودقيقًا يستند إلى علم النفس، ونستعين فيه بالألعاب التمثيلية، حتى نساعد الأطفال على الاسترخاء وتخفيف التوتر لديهم، من خلال تمارين التنفس والألعاب المناسبة.
وتركيزي على الأطفال نابع من مشهد رأيته في بث مباشر في نشرة الأخبار، إذ كانت أم تحمل طفلها وتصرخ وسط مشهد لجـ ـثث متناثرة على الأرض، وكانت الصدمة واضحة على وجه الطفل. ولأن لديّ اطلاعاً على علم النفس وأدرك أن الطفولة تشكّل شخصياتنا، أعرف جيداً أن الصـ دمات تتراكم وقد تقودنا إلى أماكن مختلفة في المستقبل، مما يؤثر علينا لاحقاً. فالبالغ يستطيع التعبير عن مشاعره وطلب المساعدة إذا احتاج إليها، بينما الطفل لا يملك وسيلة للتعبير عن مشاعره ويكبتها داخله، وهو في مرحلة تتشكّل فيها شخصيته. لذلك، من المهم أن نساعد الطفل بقدر المستطاع، خاصة من ناحية الصحة النفسية التي قلّما يفكر بها الكثيرون.
هل تعتقد أن الأنشطة والتمارين التي تتضمنها المبادرة ستكون كافية لتخفيف الصـ دمات التي مرّ بها الأطفال؟
من المؤكد أن هذه التمارين، التي تُجرى مرة أو مرتين، ليست كافية للتخلص من صدمات الأطفال؛ فالموضوع يحتاج إلى علاج نفسي مستمر. أتمنى أن يكون هناك وعي وإمكانات متاحة لأن المشكلة تكمن في أن الوعي قد يكون موجوداً، لكن القدرات المادية للعلاج النفسي قد تكون محدودة.
تساعد هذه التمارين في تخفيف التوتر قليلاً، وتمنح الطفل شعوراً بأنه ليس وحده في خوفه وألمه، وأن هناك من يستمع إليه ويفهمه. فعندما يرسم مثلاً على هذا الحجر، يصبح الحجر رمزاً يذكّره بنا ويعبّر عن مشاعره الداخلية. لذلك، فإن هذه الأنشطة ترفع عنه بعضاً من التوتر وتمنحه الشعور بأنه محبوب ومسموع.
هل هناك جهات أو أفراد يقدمون دعماً مادياً لهذه الجهود؟ وهل ترى اهتماماً متزايداً بهذا الجانب عند الأطفال؟
لا توجد جهات تقدم المساعدات، بل الأفراد من مختلف الأعمار والطوائف والجنسيات هم من يساهمون في المساعدة. عدد الأشخاص المشاركين محدود، أولاً بسبب ضعف الوعي بأهمية الصحة النفسية، وثانياً لأن بعض الناس لا يعتبرونها موضوعاً أساسياً. ورغم قلة عدد المساهمين، إلا أننا وبفضل الله، استطعنا الاستمرار حتى الآن، ربما لأن مبادرتنا لا تعتمد كثيراً على الأموال، فالمبالغ تُخصص فقط لشراء الألوان والهدايا والملابس للأطفال.
انطلقت الحملة من ثلاث مدارس تأوي نازحين في مناطق برج حمود والطريق الجديدة وغيرها. هل هناك خطط لتوسيع الحملة وتقديم جولات في مراكز أخرى في المناطق الآمنة بلبنان؟
بصراحة، نتمنى توسيع نشاطاتنا وزيارة عدد أكبر من المدارس. هذا الأسبوع قمنا بزيارة منطقتي الشـ ياح وجونية، وكان من المفترض أن نزور بكفيا، لكننا لم نتمكن من ذلك لضيق الوقت. نأمل أن نصل إلى جميع المدارس، وأود أن أشكر، باسمي واسم الفريق بأكمله، الجمعيات والبلديات التي منحتنا الثقة وطلبت منا التواجد والمشاركة، ودعتنا للمساهمة في فعالياتها.
نحاول بذل قصارى جهدنا ضمن الإمكانيات المحدودة التي توفرها التبرعات المتاحة لنا. أتمنى أن يعود الجميع إلى منازلهم قريباً، لكن طالما أننا قادرون على العمل والدعم متوفر لتأمين الاحتياجات، سنواصل جهودنا.
هل كانت تجربتك السابقة مع "الاكتئاب المزمن" دافعاً لاتخاذ هذه الخطوة لدعم الآخرين؟
لم تكن تجربتي مع الاكتئاب هي الدافع وراء قيامي بهذه المبادرة، بل كانت طفولتي السبب الأساسي، فقد عشت طفولة مليئة بالحـ روب وقضيت فترات طويلة في الملاجئ. أذكر جيداً الأشخاص الذين كانوا يبعثون فينا الشعور بالأمان، وأذكر مخاوفي حين كانت والدتي تخرج من الملجأ لتجلب لنا احتياجاتنا، كما أستحضر من كان يهدئنا عندما ينتابنا الخوف، وأصوات القـ ذائف التي لا تزال محفورة في ذاكرتي. أعلم أن مثل هذه التجارب تلازم الإنسان طويلاً، وإذا لم يتم التعامل معها بوعي تجاه الصحة النفسية، فقد تترك آثاراً عميقة. وهذا ما دفعني إلى الاعتقاد بأن هؤلاء الأطفال بحاجة لمن يسمعهم ويطمئنهم.
هل هناك احتمال أن تترك هذه المبادرة وتغادر لبنان إذا عُرض عليك عمل معين خارج البلاد؟
كنا دائماً نقول إنه لو جاءت فرصة عمل خارج لبنان سنرحل، فقد تعبنا كثيراً وحياتنا متوقفة، وكلما حاولنا الوقوف مجدداً نجد أنفسنا نسقط. ليس من الخطأ أن نعترف بتعبنا وأن نعبّر عن معاناتنا، فقد أنهكونا حتى صار أقصى طموحنا تأمين الطعام والشراب والنوم، وافتقدنا أبسط حقوقنا. لكن حين تشعر أن البلد أو الشعب اللبناني قد انهار، تدرك فجأة أنك لا تريد الرحيل، وتشعر بخوف على من تحبهم وتكتشف عمق حبك لأهلك وبلدك.
وبالرغم من سفري وزياراتي للعديد من الدول، كنت دائماً أشعر برغبة ملحة في العودة إلى لبنان. ورغم أنني أعيش وحدي في لبنان بينما إخوتي في الخارج، إلا أن فكرة الرحيل صعبة، لكن فكرة قبول فرصة عمل خارجية قد تكون واردة بشرط أن تهدأ الأوضاع في الوقت الحالي لأني أشعر بأنني ملتزم بشيء هنا.
شاهدنا مقطع فيديو يظهر استقبال الأطفال لك. كيف أثر هؤلاء الأطفال فيك؟
كان لاستقبال الأطفال أثر كبير في نفسي. في كل مدرسة نذهب إليها، أرى كيف أن الأطفال قد حضّروا أنفسهم وانتظرونا منذ الصباح، مرتدين ملابسهم الجميلة، وكيف يبدأون بالتصفيق والغناء عند رؤيتي. استقبالهم مفعم بالحب والعفوية، وعند مغادرتنا، يظهرون رغبة قوية في بقائنا، ويغمروننا بالحب. بل إنهم يكتبون اسمي أو كلمات تعبر عن محبتهم على أحجارهم، لأنهم يشعرون أن هذا الشخص الذي أمامهم قد أحبهم وأحسّهم بمشاعر جميلة ومريحة.
كشفت عن عمل جديد من تأليفك بعنوان "هي لحظة". هل يمكنك أن تخبرنا المزيد عن هذا العمل؟
"هي لحظة" هو مسلسل درامي أعمل على كتابته، يطرح فكرة كيف يمكن للحظة واحدة أن تغيّر حياة الإنسان بشكل جذري، تماماً كما مررنا بذلك في لبنان، وكما يمكن أن يحدث لأي شخص، دون أن يدرك ما قد يحصل له، سواء كان ذلك حدثاً سعيداً أو مؤلماً. قد تدخل حياتنا شخصيات جديدة، أو نعيش لحظة عاطفية، أو نواجه كارثة طبيعية، أو نتعرض لتقلبات القدر، فيتغيّر كل شيء. وهناك قرارات نأخذها في لحظة، بعضها يغير مجرى حياتنا للأفضل، وبعضها قد يحالفنا فيه الحظ.
ما زلت أعمل على كتابة المسلسل، رغم انشغالي بمشروع آخر أجهز له، وأيضاً بتعليم الكتابة والمسرح، وهما أمران يأخذان الكثير من وقتي لكني أستمتع بهما جداً. ولذلك، أتوزع بين عدة أعمال، وأيضاً أعدّ مشروعاً آخر يهدف إلى تخفيف الأعباء عن الناس وسط الظروف الصعبة التي نعيشها، فنحن بحاجة إلى لحظات من الفرح والابتسامة، بعيداً عن الدراما التي أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية.
هل لديك أعمال أخرى جديدة في الأفق؟
كنت أُحضّر لبرنامج مع قناة "الجديد" وصوّرنا أكثر من حلقة بالإضافة إلى الإعلان، ولكن الأحداث التي حصلت أجّلت عرض البرنامج. وبعد أن تهدأ الأوضاع، سنستكمل العمل، وسيشاهدني الجمهور في برنامج مميز للغاية، يتضمن العديد من المواهب، وأنا متحمس له جدًا. لم أكن أفكر في العودة إلى تقديم البرامج، خاصة بعد برنامج "الصـ دمة" إذ أصبح الموضوع دقيقًا بعض الشيء. ولكن إذا نجح البرنامج مع "الجديد"، إن شاء الله، سيكون من أجمل الأعمال التي سأقدمها. وقبل مسلسل "هي لحظة"، سيراني الجمهور في مسلسل لبناني مميز جدًا، وبعده سيكون "هي لحظة". كما أنني مستمر في ورشات التمثيل والكتابة.