باسل النجار = الرياض في الأربعاء 10 أغسطس 2022 02:44 مساءً - يسعى مسلسل ”منعطف خطر“ لتحقيق أقصى قدر من التشويق، لا سيما أن حدثه القادح بلغة كتابة السيناريو بدأ منذ المشهد الأول، من خلال قتل الإنفلونسر سلمى الوكيل، جسدتها الفنانة سلمى أبو ضيف، لتبدأ رحلة اكتشاف الجاني من قبل ضابط المباحث، هشام إبراهيم، الذي يلعب دوره باسل خياط.
خيوط درامية كثيرة تتشابك في البحث عن القاتل، وكلما اقترب المحقق من التأكد من هوية القاتل، تتكشف معلومات جديدة لتتغير معها بوصلة التحقيق بالكامل..
مرة تدور الشكوك حول صديقها كريم.. آدم الشرقاوي، ميسور الحال، ومتعاطي المخدرات، الذي كان على علاقة مع سلمى، وظل يلاحقها في الحفلة الأخيرة التي ظهرت فيها قبل مقتلها، لكن الدلائل تبرئه.
ومرة يصبح عبد الرحمن.. كريم محجوب، المدرب في النادي الذي ترتاده المغدورة هو الجاني المحتمل، بسبب تيسيره أمور سفرها وتسليفها بعض النقود، ثم محاولته إغواءها عندما قامت برد دينه، ثم لا يلبث أن يبتعد هذا الاحتمال عن الحضور، عندما يتم الكشف أن الزجاج الذي علق برأس الضحية ليس مطابقا لمثيله الموجود في شقته.
وحتى تتعقد الأمور أكثر ينشأ أكثر من خط درامي موازٍ لموضوعة القتل الرئيسة، إذ وُجِدَ ”كريم“ مقتولاً في قبو فيلا لوالده، ونشاهد والد سلمى ”جمال الوكيل.. باسم سمرة“ في مُحاولة للاستفراد بمدرب ابنته وقتله، لولا تدخُّل الضابط هشام..
وهناك أيضا الخط المتعلق بـ خالد سليمان.. محمد علاء، الطامح للوصول إلى منصب رئيس ناد رياضي كان يترأسه والده في الماضي، ومن ثم الترشح لمجلس الشعب، والذي تم العثور على المغدورة سلمى في إحدى سيارات حملته الانتخابية، ومن ثم اكتشاف صورة تجمعهما معا.
منعطف خطر المقتبس عن مسلسل ”القتل – the killing“ الأجنبي بمعالجة درامية لمحمد المصري، وكتابته بالشراكة مع أحمد جودة وعلي جبر، اعتمد على تقنية الفلاش باك بصورة مستفزة.
كما أن السيناريو افتقر إلى تنظيم خطوطه الدرامية لبناء حبكة متينة، لا سيما في حلقاته الأولى، بحيث تم تخصيص كل حلقة بخط من خطوط التحقيق.
في حين كان من الأجدى تجديلها مع بعضها لتحقيق شيء من المصداقية، وعدم إظهار شخصية المحقق بطريقة ساذجة رغم قوة شخصيته وبأسه.
وكان بالإمكان اللعب على الزمن بطريقة مختلفة، بحيث لا ننتظر تقرير الطبابة الشرعية لحلقة كاملة، وعندما يجهز نصبح أمام منعطف درامي جديد في القصة.
ولا يجوز هذا الاستسهال الذي برز مثلا في إيجاد مَخْرَج لشخصية الأب بعد محاولته قتل المدرب، بأنهما كانا في نزهة، رغم أن الضابط قبض عليه متلبسا في الشروع بالقتل، أو عندما قفز سائق سيارة الحملة الانتخابية من السطح، بما يزيد على أربعة طوابق مع بقائه حيًّا، وقدرته على التكلم بعد يوم من الحادثة، والإفشاء بترويجه للمخدرات ولصالح من، وغير ذلك الكثير.
كما أن صناعة التشويق لا يجوز أن تكتفي بإخفاء ماضي الشخصيات أو جزء منها، واستخدام ذلك كمطية لتحقيق الإثارة في حلقات مستقبلية، كما حصل مع شخصية الأب اللطيف مع عائلته والمحبوب في عمله، لكنه تحول إلى ما يشبه قاتل متسلسل، ففي كثير من الأحيان، ينقلب التشويق إلى ضده بمثل هذه الأفعال الدرامية.
إدارة العمل الجيدة التي حققها المخرج السدير مسعود، حاولت إنقاذ الموقف نوعا ما، لاسيما مع خياراته الممتازة لشخصيات المسلسل عموما، ولمواقع التصوير، والدعم الكبير من شركة كاريزما التي أنتجت العمل..
لكن رغم حركة كاميرته المميزة، إلا أن سعيه لإبراز جماليات الصورة شابه شيء من الفنتازيا؛ ما أعطى نتيجة معاكسة، فما الذي يبرر مثلا المبالغة في استخدام الإضاءة الملونة بالأخضر والأحمر والأصفر ضمن شقة عادية، أو في مكتب المحقق، أو في ورشة تصليح سيارات؟
ورغم الأداء الجميل للممثلين عموما، إلا أننا وبعد عرض الحلقة التاسعة من المسلسل، لم نعد قادرين على التعاطف مع أحدهم، وبتنا بعيدين عن تصديق دراماهم، مع كثرة المنعطفات غير المبررة في شخصياتهم، والابتعاد عن واقعية الصورة التي نقلها إلينا المخرج عبرهم، بالاتكاء على نص غير مسبوك بعناية.
كل هذا يحيلنا إلى السؤال الأساس: لماذا لا نستطيع أن نبني درامانا الخاصة بعيداً عن الاقتباس عن الأعمال الأجنبية؟ وإلى متى سنستمر بالاعتماد على ”فورما“ جاهزة، ووضع شخصيات وأحداث تناسبها؟..
ألا نستطيع أن نشكل دراما تحمل ملامحنا الخاصة شكلا ومضمونا؟، ثم ينبغي الانتباه جيدا إلى أن الصورة هي بالدرجة الأولى جوهر، ونظافتها الخارجية لا تقودنا إلى دراما حقيقية.