الأربعاء 21 سبتمبر 2022 09:50 صباحاً - انتشر خلال الأيام الماضية، منشور عبر صفحات التواصل الاجتماعي يفيد بأن النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – كان أميًا؛ أي لا يقرأ أو يكتب، وأن هذا الأمر انتقاص من قدر الرسول الكريم، وعدم محبة له، والصحيح أن النبي سمي أمي لأنه كان من أم القرى.
وبعد تداول هذا المنشور على نطاق واسع، أثيرت العديد من التساؤلات حول مدى صحته، ولا سيما مع وجود أكثر من آية قرآنية تتحدث عن أمية النبي – صلى الله عليه وسلم.
خلط العاطفة بأحكام الدين
ومن جهته، رد الشيخ محمد أبو بكر جاد الرب، الداعية الإسلامي وأحد علماء الأزهر الشريف، على ذلك المنشور من خلال مقطع فيديو بثه عبر قناته الرسمية على “يوتيوب”.
وقال “أبو بكر” معلقا: “أخطر شيء في الدنيا هو أن تختلط العاطفة بأحكام الدين.. أنا عارف إن اللي كاتب المنشور دا دفعه لذلك حبه الجارف لسيدنا النبي، لكن الحب دا لازم تسيطر عليه حاجة اسمها تعاليم الدين (العلم)، وأي حب ينفلت من العلم يصير حبا وبالا على صاحبه وعلى من أحب”.
وتابع: “ولذلك حينما نعى القرآن الكريم على أهل الكتاب وبيّن ضلالهم، قال إن بداية الضلال هو الحب المفرط، وقال (يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم)”.
واستطرد الداعية: “ولذا حينما انتقل النبي من دار الفناء إلى دار البقاء لملاقاة ربه، ووقف عمر بحبه المفرط استطاع الصديق أن يوقفه بعلمه الذي استدل عليه من القرآن الكريم”.
مدى صحة المنشور
وأكد الشيخ محمد أبو بكر عدم صحة المنشور المتداول عن النبي – صلى الله عليه وسلم – جملة وتفصيلا.
وأشار إلى أن القول بأن النبي سمي أمي لأنه كان من أم القرى هو رأي ذكره الإمام بن عطية، ولكن كان مجرد رأي.
وشدد على أن الأمية في حق أي شخص فينا تعتبر نقصا، بينما في حق النبي لم تكن نقصا، بل إعجاز ودليل على صدق نبوته.
واستكمل: “فحينما تسمع كلام النبي وما فيه من ثوابت وأمور في المجالات المختلفة، وتدرك أن هذا الكلام لا يمكن قوله من أكابر العلماء إلا بعد جهد وأموال طائلة لكي يحصلوا معلومة واحدة من علوم ومعارف النبي، وذلك لأنه كان يقول الكلام مؤيد من الله تعالى بوحي”.
وأردف الأزهر قائلا: “لما قريش اللي هما أرباب البيان وصناع الكلام، يكتبون ويقرأون ويتقنون ذلك، وبعدين يجيلهم نبي يتحداهم فيعجزوا أمامه، رغم أنه لا يقرأ ولا يكتب، فكان حال قريش الصدمة”.
دلائل أمية النبي
واستشهد الداعية الإسلامي على أمية النبي الكريم بقول الله تعالى: “وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ”، و “مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ”.
ولفت إلى أن هذه الصفة التي ميز بها الله النبي في الكتب السابقة عن غيره من الأنبياء السابقين، وقال الله: “الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ”.
واسترسل: “هذا بالإضافة إلى أن جبريل حينما نزل إلى النبي وقال له (اقرأ) رد عليه النبي ثلاث مرات قائلا: ما أنا بقارئ”.
أمية النبي شرف
وأضاف الشيخ محمد أبو بكر مؤكدا أن أمية النبي كانت شرف في حقه، ودليل على صدق نبوته، ومعجزة تبهر القاص والداني، وخطاب للعقل الذي يستبعد أن تصدر تلك العلوم و المعارف من شخص لا يعرف القراءة والكتابة.
واختتم: “أي حد مننا بيحب النبي لازم يكون حبه مقيد بالعلم”، منوها بأنه بكتابة هذا المنشور أنكر كاتبه جميع الآيات القرآنية السابقة.