الاثنين 3 أبريل 2023 02:14 صباحاً - قال الله تعالى في الآية الكريمة الثّالثة والخمسين من سورة يوسف: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، حيث جاء في تأويل الآية السّابقة في تفسير الطّبري: قال أبو جعفر: قال نبيّ الله يوسف، عليه الصّلاة والسّلام: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي}، من الوقوع في الخطأ والزّلل، فأقوم بتزكيتها، {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}، يقول: إن النّفس هي واحدة النّفوس، وهي نفوس العباد لا غير، تأمر النّفس بما يطيب لها وتهواه، وإن كان هذا الهوى في غير ما يرضي الله تعالى، {إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ}.
يقول: إلّا أن يرحم الله ربي من شاء من عباده وخلقه، فينجّيه من اتباع هوى النّفس وطاعتها فيما تأمرُه به من السّوء والذّنوب والمعاصي، {إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، “غفور” إنّه شديد المغفرة، يصفح عن ذنوب من تاب من العباد من الذّنوب والمعاصي، بتجاوز عقوبته لما اقترف من هذه الذّنوب والمعاصي، وبستره له، “رحيم”، به بعد إنابته وتوبته، أن يعذبه ويقتصّ منه عليها.
وجاء في تأويل الآية في الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: قوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي}، أي: وما أُقدم على تزكية نفسي، وقوله تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}، بالذّنوب والمعاصي ومستقبحات الأمور، وما لا يحبُّ الله، ولا يرضى، {إِلاَّ مَا}، بمعنى مَنْ، {رَحِمَ رَبِّيَ}؛ عصمه من الوقوع في المعاصي.
وأمّا في تفسير “معالم التنزيل” للبغوي، فقد جاء فيه: فَقَالَ يُوسُفُ -عليه السّلام- عِنْدَ ذلك {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي}، مِنَ الوقوع في الْخَطَأِ وَالزَّلَلِ فَأُقدم على تزْكِيتهَا، {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}، بِفعل الْمَعْصِيَةِ {إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي}، أَيْ: إِلَّا مَنْ رَحِمَه رَبِّي فعصمه من الوقوع في المعاصي، وما بِمَعْنَى مَنْ، كقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ}،[٥] أَيْ: مَنْ طَابَ لَكُمْ نكاحه، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ عَصَمَهُمُ اللَّهُ تعالى، فَلَمْ يُغرس فِيهِمُ الشَّهْوَةَ كبني الإنسان، وَقِيلَ: {إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي}، إِشَارَةٌ إِلَى حَالَةِ الْعِصْمَةِ التي أوجدها الله عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبُرْهَانِ، {إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.