الارشيف / اخبار الخليج / اخبار السعودية

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 أغسطس 1973.. السادات والأسد يجتمعان فى منتجع «الزيدانى» بسوريا لتحديد موعد الهجوم ضد إسرائيل ويستبعدان اقتراح شهر سبتمبر موعدا للمعركة

ياسر الجرجورة - الرياض - الاثنين 26 أغسطس 2024 10:15 صباحاً - طار العماد مصطفى طلاس، وزير الدفاع السورى، من مدينة الإسكندرية بمصر إلى مدينة اللاذقية فى سوريا باسم مستعار حسب تأكيد الكاتب الصحفى البريطانى «باتريك سيل» فى كتابه «الأسد - الصراع على الشرق الأوسط»، ومنها ذهب إلى الرئيسين أنور السادات وحافظ الأسد.


كان «طلاس» على رأس ستة ضباط سوريين جاءوا إلى الإسكندرية سرا ليعقدوا اجتماعا سريا مع ثمانية ضباط مصريين يقودهم الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الحربية، وحسب الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «الطريق إلى رمضان»، فإن الاجتماع الذى بدأ يوم 22 أغسطس حضره ضباط عرب آخرون، وفنيون روس، ووسط إجراءات أمنية مشددة ناقش الاجتماع تحديد موعد الهجوم المصرى السورى على إسرائيل لاستعادة سيناء المصرية والجولان السورية.


يضيف هيكل، أنه بينما كانت المناقشات دائرة فى الإسكندرية، كان السادات يقوم بجولة حملته إلى السعودية وقطر وسوريا، وكان توقفه فى السعودية وقطر إلى حد كبير جزءا من خطة الخداع الواسعة التى كانت قد بدأت بالفعل، وكانت تهدف إلى ترك الانطباع بأن الرئيس شأنه فى ذلك شأن بقية المصريين يقوم برحلة عمل عادية، أما زيارته لسوريا فإن هدفها أخطر من ذلك بكثير.


يكشف «باتريك سيل»، كيف جاء الضباط الستة السوريين إلى الإسكندرية، قائلا: «صعدوا إلى سفينة ركاب سوفيتية فى رحلتها النظامية المتجهة من اللاذقية إلى الإسكندرية وهم يرتدون ملابس عادية، وكأنهم ذاهبون للنزهة وقضاء العطلة، وهم وزير الدفاع مصطفى طلاس، ورئيس الأركان يوسف شكور، وقائد القوات الجوية والدفاع الجوى ناجى جميل، ورئيس العمليات عبدالرازق الدردرى، ورئيس المخابرات حكمت الشهابى، وقائد الأسطول فضل حسين، وقضوا فى نادى الضباط بالإسكندرية يومين من المناقشات.


عاد طلاس إلى سوريا، وكان الأسد والسادات يعقدان مؤتمر قمة خاص بهما فى 26 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1973، وامتد إلى اليوم التالى 27 أغسطس فى منتجع الزيدانى الصيفى الجبلى الذى كان انتقلا إليه لتجنب حرارة الشمس، وهناك اتخذا القرار بشن الحرب فى أكتوبر 1973، ويؤكد «سيل»: «استذكر الأسد فيما بعد أن السادات كان يواجه متاعب من الطلبة المتظاهرين بمصر، ولذا فقد كان تواقا لبدء الحرب قبل أن يعود أولئك الطلبة المتمردين ليملأوا أروقة الجامعات فى مطلع العام الدراسى الجديد».


نقل «طلاس» إلى السادات والأسد ما دار فى «اجتماع الإسكندرية»، وحسب هيكل: «قدما تقريرا بشأن النقطتين المختلف عليها وهما، الموعد المحدد للهجوم: اليوم والساعة، ووضع المخططون فترتين، إحداهما بين 7 سبتمبر و11 سبتمبر، والثانية بين 5 أكتوبر و10 أكتوبر، ولم تكن هناك حماسة كبيرة للفترة الأولى من الفترتين، ومع ذلك فقد احتفظ بها كبديل يستخدم فى حالة وجود أسباب قوية لا يعرف المخططون بها، كذلك كان هناك اعتبار آخر وهو مطلب السوريين أن يكون لهم عد تنازلى خاص بهم مدته خمسة أيام لإتاحة الفرصة لهم لتفريغ معامل التكرير فى حمص باعتبارها هدفا يكاد يكون من المحقق أن يتعرض لقنابل الإسرائيليين بمجرد أن يبدأ القتال.


يذكر «سيل»، أنه بالنسبة إلى ساعة بدء المعركة، فإن المصريين كانوا يفضلون أن تكون بعد الظهر، فذلك يعنى أن قواتهم يمكن أن تبدأ عبور القناة والشمس وراءهم وأمام عيون الجنود الإسرائيليين، معناه أن يكون لديهم بضع ساعات للعبور فى ضوء النهار تتبعها 6 ساعات أخرى من الظلمة الحالكة تعبر القوات المدرعة خلالها القناة.


أما السوريون فكانوا يريدون أن يبدأ الهجوم مع أشعة الفجر الأولى، لأنهم سيتوجهون فى هجومهم غربا، ولم تكن رغبتهم أقل من رغبة المصريين فى أن تكون الشمس وراءهم، وقدمت اقتراحات عدة للتوفيق بين الجانبين.


بعد أن استمع الرئيسان السادات والأسد إلى ما ذكره طلاس، اتفقا على استبعاد شهر سبتمبر موعدا للمعركة، واتفقا بالتالى على أن يبدأ الهجوم فى وقت ما خلال الفترة ما بين 5 و6 أكتوبر 1973 على أن يفوض الرئيس السادات باعتباره قائدا أعلى للقيادة الموحدة «مصر وسوريا» فى اختيار اليوم الموعود.


فى ليلة 27 أغسطس طار الرئيس السادات من دمشق عائدا إلى القاهرة، وكان فى استقباله فى المطار الفريق أحمد إسماعيل وزير الحربية، الذى قدم إلى الرئيس صورة أكثر تفصيلا عن محادثات الأركان المشتركة، وقد وافق الرئيس على كل ما تم فى هذه المحادثات ما عدا طول فترة العد التنازلى، فقد كان يرى أن الأيام العشرين المطلوبة فترة طويلة، وأن خمسة عشرة يوما تكون أمرا طبيعيا وفيها الكفاية، وقد كان وتم التعديل.

Advertisements
Advertisements

قد تقرأ أيضا