ياسر الجرجورة - الرياض - الاثنين 13 نوفمبر 2023 11:35 صباحاً - سيناريو تخيلى
إذا ارتقت النوايا، وتخلصت من شوائب الخلافات الصغيرة الضيقة، واتسعت حدقة العين الدبلوماسية الفاحصة القادرة على التقييم والفرز، وارتفع منسوب الشعور والإدراك بحجم المخاطر الجسيمة بفعل البراكين المتفجرة فى الإقليم كله، والإيمان بأن الوحدة والتكامل قوة ورقم فاعل فى معادلة السياسة الدولية، فيمكن - وفق سيناريو تخيلى بخيال يتطابق مع الواقع - أن يُشكل محور يضم مصر والسعودية وإيران والإمارات وتركيا، ودولا أخرى مؤثرة فى الإقليم، مثل الأردن وقطر والكويت والجزائر، ويتكامل سياسيا واقتصاديا وعسكريا، فى توظيف رائع للمقومات الجغرافية والتاريخية والثروات الطبيعية.
وبقراءة جيدة للخرائط، يتبين أن الدول الكبرى، ورغم قدراتها وتأثيرها الفاعل سياسيا وعسكريا واقتصاديا، لكنها دشنت تحالفات ومحاور تكاملية، إمعانا فى زيادة القوة والتأثير، ونجحت هذه المحاور فى إبراز القوة والقدرة والتأثير، وأن تشكل سياسات دولية بما يتوافق مع مصلحتها، وتزيد من نفوذها وتأثيرها وتظل المالكة الحصرية لمفاتيح الحل والربط على هذا الكوكب.
دول الإقليم، مثل مصر، والمملكة العربية السعودية، وإيران، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، وغيرها من الدول، لها وزن كبير وثقل لا يستهان به فى الإقليم، ويمكن لها تشكيل محور يؤثر فى معادلة السياسة الدولية، ويتحكم فى مفاتيح الإقليم ويشكل حائط الصد الصلب أمام محاولات التدخلات الأمريكية والغربية، وباقى الدول الكبرى فى المنطقة، باعتبارها فريسة يمكن التحكم فيها، والاستفادة القصوى من خيراتها.
محور كهذا - فى حالة الوحدة والتكامل وفق أهداف وسياسات محددة وواضحة ومكتوبة فى ميثاق توافق عليه الشعوب قبل القيادات السياسية - سيحقق معادلة الأمن والاستقرار للمنطقة، والقدرة على الردع، وإطفاء حمم البراكين المتفجرة بفعل فاعل فى الإقليم، وكأن العالم كله، أعطى إقليم الشرق الأوسط الحقوق الحصرية فى تفجير البراكين السياسية والعسكرية والاقتصادية، بينما تقف أمريكا وأوروبا، موقف المستفيد، والمستثمر «الشاطر» فى كيفية توظيفها سياسيا واقتصاديا لمصلحتهما، على كل الأصعدة والمستويات.
الإرادة السياسية لهذه الدول الفاعلة فى الإقليم يمكن لها أن تتخذ قرارات «تصفير عداد المشاكل» وتبريد الملفات الساخنة، ومحاولة بناء علاقات واضحة تعود بالمصلحة على الشعوب واستقرار المنطقة بعيدا عن الاختلافات الأيديولوجية واحترام شديد لتوجهات وثقافات كل دولة، وأن ما يجمع هذه الدول أكثر بكثير مما يفرق، فهناك روابط الجوار والعرق واللغة والدين، ما يساعد على تدعيم وتثبيت الوحدة والتكامل وإيجاد علاقات سوية.
هذا السيناريو التخيلى، خرج من رحم الواقع، عندما التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، بمحمد بن سلمان، ولى العهد، رئيس مجلس الوزراء السعودى، وبالرئيس التركى رجب طيب أردوغان، والرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى، على هامش القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية التى أقيمت أمس الأول السبت فى الرياض، والذى يمكن البناء عليه، فالجميع التقى والتف حول قضية مشتركة، وهو العدوان الآثم على غزة ومحاولة وقحة لتصفية القضية وتهجير الفلسطينيين وفرض أمر واقع بالقوة الجبرية.
إذن ما يجمع هذه الدول أكثر مما يفرقها، ويمكن له أن ينجح ويلعب دورا بارزا على الساحة الإقليمية والدولية، مع الاعتراف بأن لكل دولة من هذه الدول خصائصها ومصالحها الخاصة، وعلاقاتها المتشابكة، لكن لزاما على الجميع تغليب المصلحة العليا لدول الإقليم، وإذابة الخلافات وتصفيرها من أجل حماية مصالحها وثرواتها ومقدراتها، وتثبيت أمنها واستقرارها.