سيف الحموري - الكويت - الأربعاء 14 فبراير 2024 12:09 صباحاً - لقد شهد القرن العشرون الكثير من القصص عن الملاحم والمعارك والحروب في أنحاء مختلفة ومتوزعة على العالم من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، فتكاد لا تجد أي قطعة ارض على هذا الكوكب لم تشهد معركة أو قتالا سواء كانت على اليابسة أو فوق سطح البحر.
من خلال تلك الأحداث سجل لنا التاريخ الكثير من الشخصيات العسكرية والسياسية والبرلمانية وحتى الفنية والأدبية والذين كان لهم دور بارز واستراتيجي سواء في الهزيمة أو الانتصار. فقد دون التاريخ تفاصيل تلك الاحداث وعقد لها الكثير من حلقات النقاش، نجم ذلك القرن كان شخصية جدلية خاض كل حروب الفشل وتفوق عليها وتصدر كل المشاهد منذ ان كان مراسلا حربيا برتبة ضابط إلى أن اصبح رئيسا للوزراء!
السير وينستون تشرشل هذه الشخصية التي أصبحت مثيرة للجدل من خلال مشــــواره المتنوع والمختلف، الذي جــــمع في حياته كل التناقضات من فشل إلى نجاح ومــن هزيمة إلى انتصار، فقد كــــان أديبا وفنانا، وكان أيضا ضابطا ومقاتلا، كان برلمانيا مفوها صاحب خطب صدعت في أروقة مجلس العموم إلى وزير في أكثر من وزارة، لقد اختلف في تركيبة هذه الشخصية الكثير من المفكرين والكتاب والمثقفين والسياسيين.
سلك تشرشل منذ طفولته طريقا طويلا غير سهل رغم انه ينحدر من عائلة ارستوقراطية، حيث عاش طفولته برغد من العيش. ولد في قصر بلينهايم مقر جده دوق مالبورو السابع وكان والده لورد محافظا وسياسيا بارزا. مع كل هذا والحياة التي عاشها تشرشل إلا انه تعثر كثيرا في مشوار حياته، فقد تقدم للالتحاق بكلية ساندهيرست العسكرية وفشل ثلاث مرات إلى أن نجح في المرة الرابعة ليصبح ضابطا بعدها في سلاح الفرسان. ومضى في حياته ليصبح وزيرا للبحرية، ولكن كانت المرحلة من أصعب المراحل التي عاشها، حيث تعرض للكثير من الإخفاقات العسكرية والهزائم ولحقت بقواته البحرية خسائر فادحة بالجنود والضباط وغرقت عدة غواصات، مما أجبره بعد ذلك على الاستقالة. ولكن تشرشل لم ييأس بل كان يردد دائما مقولته المشهورة «النجاح هو ان تمر دائما بفشل وراء فشل دون ان تفقد حماسك». أصبح بعد ذلك وزير الخزانة متخذا أصعب قرار وهو إعادة العمل بمعيار الذهب مقابل الجنيه، حيث أدى هذا القرار إلى كارثه اقتصادية وانهيار الطلب في أسواق التصدير وعانت من خلاله كثيرا الصناعة.
رغم تكبد تشرشل في حياته الكثير من الإخفاقات إلا انه كان أديبا وفنانا وكاتبا متميزا، مما مكنه من الحصول على جائزة نوبل للأدب عندما كان رئيسا للوزراء. عاش تشرشل قرابة التسعين عاما قضاها في فترات مختلفة وتغييرات أثرت في حياته إلى أن توفي في عام 1965 اثر سكتة دماغية. لقد ترك تشرشل بعد وفاته إرثا كبيرا من العمل السياسي والبرلماني والأدبي والفني ولايزال المفكرون والمثقفون يعتقدون انه الشخصية الأكثر جدلا في القرن العشرين من خلال دراسة حياة ذلك الرجل الذي جعل من الفشل خطوة أولى للنجاح.