الارشيف / اخبار الخليج / اخبار الكويت

الخيل والتجارة والشاي.. ومشكلة مياه الشرب.. بقلم :د.يعقوب يوسف الغنيم

  • سيف الحموري - الكويت - الأحد 6 مارس 2022 10:18 مساءً - الشيخ أحمد الجابر كان من المهتمين بالخيل حريصاً على سلالاتها حتى لا تضيع أنسابها
  • تجارة الخيل راجت في الكويت وأشهر تجّارها يوسف البدر وعدد من كبار رجالات الدولة
  • الكويتيون عانوا كثيراً لاستجلاب المياه ولم يجدوا حلاً إلا في تحلية البحر
  • فرحة كبيرة باكتشاف بئر الروضتين للمياه العذبة وتوافد الأهالي فترة طويلة على الموقع
  • تجار الكويت شكوا إلى الشيخ أحمد الجابر من شروط حكومة الهند في مجال تجارة الشاي
  • السلطات البريطانية تابعت شحنات الشاي حتى لا تصل إلى الأعداء الذين هم في حالة حرب معها


بقلم:
د.يعقوب يوسف الغنيم

في هذا الفصل بيان عن بعض الأنشطة الكويتية، منها ما يتعلق بالبحث عن حل لمشكلة ازدياد الحاجة إلى ماء الشرب، ومنها العمل التجاري الذي كان تجار البلاد يقومون به بحسب اختلاف مجالات التجارة، مع بيان مدى اهتمام أمير البلاد بما يقومون به، وذلك بدعمه لجهودهم الكثيرة.

وموضوعات هذا الفصل هي:

- الخيل والتجارة في الكويت.

- حديث الماء.

- تجارة الشاي في الكويت.

وأخيرا ما اعتدنا تقديمه عن اللهجة الكويتية، وكل ذلك بموجب التفصيل الآتي:

1 ـ الخيل والتجارة في الكويت

من قديم الكويت العمل بالتجارة في كل مجال يجلب لأهلها الرزق الحلال.

ولقد كان السفر والغوص من اهم الاعمال في هذا الصدد، وهو عمل مهم كان يزاوله ابناء الكويت منذ أمد بعيد واستمروا به حتى تغيرت الاحوال بوجود مجالات رزق أوسع وأجدى.

في شهر يناير لسنة 1865 وصل الى الكويت العقيد لويس بيللي المقيم السياسي في بوشهر ما بين سنتي 1892 و1895م، فتحدث عن تجارة الخيل الكويتية.

يقول: «كانت إقامتي في الكويت فرصة لدراسة الاحوال اليومية، والعادات الخاصة، وما تتميز به حياة شيخ عربي هو يوسف بن بدر، ولقد كنت طوال هذه الفترة أتلقى من كرم الضيافة صورا لا يمكن ان تعادلها ضيافة أي نبيل انجليزي».

ثم يقول: «يجمع يوسف بن بدر خيوله المستوردة من شمر وعنزة ونجد، ويرعاها إلى أن يأتي موسم بقيع الخيول، فيرسلها في مجموعات الى الهند عن طريق الكويت».

وكان الشيخ احمد الجابر الصباح من المهتمين بالخيل وكان يحرص على سلالاتها، ويحتفظ ببيان يرجع اليه عن كل فرس او حصان، حتى لا تضيع انساب الخيل، فيدخل فيها الضعيف الذي ينقل ضعفه الى الاقوياء.

وأمامنا وثيقتان بتوقيع الشيخ احمد الجابر بهذا الخصوص، يتحدث في احداهما عن الفرس المسماة العبية بنت العبية، ويذكر نسبها، والحصان الذي طرقها وأنها من أصائل خيل العرب، وثمنها الحقيقي هو أربعة آلاف روبية، وهذا مبلغ عظيم الشأن في ذلك الوقت.

وفي الوثيقة الثانية يتحدث عن فرس أخرى اسمها الكحيلة بنت كحيلان، ويذكر انها من أصائل خيل العرب، ولكن ثمنها مقدر بالجنيهات الاسترالية وهو مائتان وخمسون جنيها.

هكذا يبدو اهتمام الكويت من جانب الحكومة وجانب الاهالي بموضوع الخيل الذي كان له دور كبير في تجارة البلاد، وفي قوتها العسكرية.

وكان الشيخ احمد الجابر الصباح من محبي الخيل الحريصين على رعاية العنصر العربي منها، حتى نراه في زيارته الرسمية الى بريطانيا في سنة 1919م يقدم لملك تلك البلاد حصانا عربيا ضمن هدايا أخرى قدمها إليه.

ومما يذكر في مسألة تصدير الخيل الى الهند أن السفن البخارية في زمن الحرب العالمية الثانية قد توقفت رحلاتها فاعتمد المصدرون على السفن الشراعية الكويتية.

ومن ذلك ما ذكره النوخذة الكويتي في الرزنامة الخاصة بأسفاره وهو أنه في سنة 1942م قام بتحميل ستة من رؤوس الخيل، وأنزلها في ميناء بومباي الهندي في الثامن والعشرين من شهر مارس للسنة ذاتها.

وبالمثل من ذلك قام النوخذة عيسى يعقوب بشارة في سنة 1943م بنقل ثمانية عشر رأسا، قام بتحميلها على سفينته الشراعية المسماة (نايف) على مرحلتين في يومي العشرين والحادي والعشرين من شهر سبتمبر، وأنزل حمولة كاملة في ميناء بومباي في أول يوم من شهر نوفمبر لسنة 1943م.

ولعل عبية الوارد ذكرها في هذه الشهادة أن تكون هي ابنة عبية التي كان لها دور في معركة الجهراء التي دارت رحاها في سنة 1920م، وذلك عندما قفزت من باب القصر الأحمر بفارسها مرزوق المتعب الذي انطلق بها مع بطل آخر هو مرشد الشمري على فرس مشابهة في شدتها وقدراتها للعبية وهي المسماة (شويمة).

فغيرت هذه الحركة ميزان المعركة لصالح الكويت. وقد تحدث عن هذا الموقف المؤرخ عبدالعزيز الرشيد الذي كان من شهود ذلك اليوم فقال يصف تصرف القائد الشيخ سالم المبارك الصباح أمير الكويت (1917م ـ 1921م): «ثم رأى أن يرسل الى الكويت من يستصرخهم، فأرسل مرزوقا ومرشدا الشمري على أجود ما في القصر من الخيل، وخرجا منه على حين غرة».

هذا والفرس المسماة (العبية) من أملاك الشيخ سالم المبارك الصباح، وأما (شويمة) فهي من أملاك الشيخ علي الخليفة العبدالله الصباح.

وفيما يتعلق بتجارة الخيل في الكويت فإننا نجد الشيخ يوسف بن عيسى القناعي قد اورد فصلا خاصا من تجارة الخيل في كتابه «صفحات من تاريخ الكويت»، ذاكرا انها كانت تجارة رائجة، وأن التجار كانوا يحملون خيولهم في السفن الشراعية الى بومباي بالهند، وذكر ان اشهر تاجر كويتي كان يمارس هذه التجارة هو يوسف البدر الذي ذكرناه آنفا، كما ذكر ان هذه التجارة درت ربحا كثيرا على هذا الرجل حتى انه ترك ثروة كبيرة حينما توفي في سنة 1297 هـ ـ 1879م، وامتازت كتابة الشيخ يوسف بن عيسى بن عيسى بزيادة نحن في حاجة إليها فقد ذكر عددا من اسماء تجار الخيل الكويتيين وهم علي العامر، ومحمد بن فيد، ومحمد المديرس، وأحمد العدواني، وسليمان الجاسم.

2 - حديث الماء

كان حديث شهر مارس لسنة ١٩٤٩م في الكويت هو حديث الماء، ولا شك في حاجة البلاد إلى هذه المادة التي لا حياة بدونها، والتي تكبدت الكويت من أجلها كثيرا من المشاق، كما عانى منها الكويتيون أشد المعاناة.

وقد بحث المختصون في كافة أنحاء البلاد عن مورد ماء يسد الحاجة، فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا، وحفروا الآبار التي تعتمد على تجمعات مياه الأمطار، ولكنها لم تكن تفي بالغرض بالنظر إلى أنها سرعان ما تنضب عندما تقل مصادرها في المواسم غير الممطرة، أو عندما يحل فصل الصيف الذي يعظم فيه استهلاك المياه، كما أن استجلاب المياه من شط العرب بواسطة السفن أو الأبوام الشراعية لم يكن يلائم الحاجة الدائمة، وقد جرب الناس أنه عندما تتأخر سفينة من السفن الناقلة للماء عن وصولها إلى الكويت لسبب ما، فإن المشكلة تتفاقم.

وقد زاد من عظم المسألة المائية انفتاح البلاد وتكاثر أعداد السكان، وأصبح هذا الأمر - كما تقدم من أسباب - هو شغل الناس الشاغل.

ومن الأحاديث التي كانت متداولة في هذا الشأن خلال السنة المشار إليها أن حكومة الكويت قد اقتنت باخرة جديدة تقوم بجلب مياه الشرب من شط العرب، تقدر حمولتها بأحد عشر ألف طن، وهي الثالثة من نوعها في الكويت، فقد سبق للكويت شراء باخرتين تقومان بالخدمة في هذا المجال وقت اقتناء السفينة الجديدة.

وجرى في الوقت نفسه الحديث مع الجانب العراقي حول إسالة ماء شط العرب إلى الكويت، فقد وصلت من العراق - في ذلك الوقت - بعثة للتباحث في هذا الشأن، ولكن زيارة هذه البعثة لم تؤد إلى نتيجة تذكر، علما بأن هذا الموضوع قد أخذ دورا من البحث لمدة سنين عديدة فيما بعد، إلى أن وجدت الكويت أنه لا حل إلا في تحلية مياه البحر، فكان لها في ذلك نجاة من الابتزاز الذي تُستغل فيه جوانب إنسانية بين دولتين شقيقتين.

هذا وقد جرى في السنة (١٩٤٩م) التنقيب عن المياه بكل اهتمام، وقامت شركة البترول العاملة في جنوبي الكويت بالبحث هناك، كما قامت شركة نفط الكويت بالبحث في منطقة الدبدبة، ومع عدم توافر المياه المطلوبة فإن الآمال كانت قوية في العثور عليها ذات يوم.

ومعروف أن الكويت كانت تعتمد على بعض الآبار قليلة العمق في مناطق مختلفة من البلاد، كما تعتمد اعتمادا كبيرا على مياه الأمطار التي تجتمع في برك يبنيها الأهالي في بيوتهم للانتفاع بما تجمع من مياه طوال فترة الشتاء حيث يتساقط المطر، وتعتمد - أيضا - على المياه التي تجلبها السفن من شط العرب، ومع أن هذه الوسيلة الأخيرة كانت من الوسائل المهمة فهي تروي البلاد بالمياه إلا أنها كانت عسيرة تكتنفها مشكلات كثيرة يسببها المسؤولون عن الجمارك في المنطقة المحيطة بمآخذ الماء ولاسيما منطقة الفاو.

وهذا الشح في المياه، مع صعوبة استجلاب الماء من خارج البلاد جعل الشيخ أحمد الجابر الصباح يهتم اهتماما كبيرا بتدبير موارد يعتمد عليها في هذا المجال، فكان أن طلب من الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، ومن شركة نفط الكويت إجراء أبحاث واستحضار متخصصين من أجل البحث في أعماق الأراضي الكويتية أملا في الحصول على الكمية المطلوبة من المياه كما ذكرنا سابقا.

وعندما لم يتحقق الأمل المنشود اتجه الشيخ اتجاها آخر، وهو البحث عن المياه بواسطة تكرير مياه البحر.

وقد تحادث الشيخ مع الوكيل السياسي البريطاني في شهر يوليو لسنة ١٩٤٧م حول هذا الموضوع، وطلب إليه الاتصال بحكومته من أجل ترشيح عدد من الشركات المهتمة بهذا الموضوع، من تلك التي لها خبرة في مجالات مشابهة للوضع في الكويت من حيث نقص الماء والحاجة إليه.

كتب الوكيل السياسي البريطاني إلى الشيخ أحمد الجابر الصباح رسالة في يوم الحادي عشر من شهر نوفمبر لسنة ١٩٤٧م يبلغه فيه أنه اهتم بطلبه، وأرسل إلى حكومته بهذا الخصوص، وأن حكومته ردت بأسماء شركات أربع هي على استعداد لكي تقوم بهذه المهمة، وقد أرسلت إحدى هذه الشركات الكتالوج الخاص بمنتجاتها في مجال تقطير المياه، وطلب الوكيل من الشيخ أحمد أن يكلف ممثله في بريطانيا لكي يراجع مديري هذه الشركات، ويعلم منهم ما يريد معرفته بصورة مباشرة.

رد الشيخ أحمد الجابر على رسالة الوكيل في يوم الخامس عشر من شهر نوفمبر من العام نفسه شاكرا للوكيل اهتمامه، وما قام به من جهد في سبيل توفير المعلومات المطلوبة، مبلغا إياه بأنه قد أوعز إلى وكيله في بريطانيا لكي يتابع الأمر هناك.

هذه المحاولة كانت البذرة التي ترعرعت فيما بعد ونشأ عنها هذا الجهاز الضخم الذي يزود الكويت بالمياه العذبة.

غني عن البيان أن الكويت كانت في حاجة ماسة إلى ماء الشرب، وأن البحث كان مستمرا عن مصدر مياه كاف دون جدوى، ولذلك فقد كانت فرحة أهل الكويت غامرة عندما اكتُشف بئر للماء الحلو في منطقة الروضتين شمالي الكويت، وكان ذلك في يوم الخامس والعشرين من شهر أبريل لسنة ١٩٦١م حين عُثر على حقل المياه هذا بالصدفة عندما كانت إدارة الكهرباء والماء تحفر بئرا لتزويد أحد المقاولين في المنطقة بالماء، وقد كان الظن أنه بئر واحد، ولكن البحث فيما بعد دل على أنه حقل يستوعب كمية كثيرة من المياه، وقد أفادت الآبار التي حفرت في هذه المنطقة كثيرا، وهي اليوم تسهم بقدر من حاجة البلاد إلى المياه وتعبأ في قوارير بلاستيكية تباع في الأسواق حيث تقوم بذلك شركة وطنية بإشراف كامل من السلطات الصحية.

وكانت فرحة الأهالي بالعثور على المياه في منطقة الروضتين غامرة، وظلوا فترة طويلة وهم يتوافدون على ذلك الموقع بأعداد كبيرة ليشاهدوا نعمة الله عليهم بعد طول انتظار، ولينعموا بأوقات سعيدة في تلك المنطقة التي صادف وقت اكتشاف الحقل المائي فيها موسم الربيع فصارت الرحلات الخلوية المعتادة في الكويت تتجه إليها.

ولم تكن الفرحة خاصة بالأهالي، فقد سعدت الحكومة - أيضا - بهذا الاكتشاف، وأصدر المرحوم الشيخ جابر العلي السالم الصباح رئيس إدارة الكهرباء والماء والغاز في ذلك الوقت بيانا يزف فيه الى الجمهور هذا الخبر السعيد، وقد قامت الجريدة الرسمية «الكويت اليوم» بنشر هذا البيان في عددها الصادر في يوم الثلاثين من شهر ابريل لسنة 1961م، وجاء فيه تحت عنوان: «بيان هام - العثور على المياه العذبة في شمالي الكويت في منطقة الروضتين» أن إدارة الكهرباء والماء والغاز يسرها أن تعلن نبأ العثور على مصدر للمياه العذبة في شمالي الكويت بمنطقة الروضتين بكميات وافرة يمكن جلبها الى الكويت بكلفة اقتصادية، وأن المجلس الاعلى بعد ان اطلع على تقارير الخبراء العالميين والدراسات التي اجراها المسؤولون في الادارة تبين امكانية ضخ كمية خمسة ملايين غالون يوميا لمدة تقرب من العشرين عاما.

ها نحن في سنة 2022م وقد مضى على ذلك ردح من الزمن دون ان تنتهي مياه هذا المورد الذي كان اكتشافه نعمة على الكويت، وحدثا في تاريخها.

3 - تجارة الشاي في الكويت

في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي كان (الشاي) قد اصبح مادة استهلاكية رئيسية في الكويت، وأقبل عليه الجميع مما دفع التجار الى استيراده لسد حاجة المستهلكين اليه، وكان معظم الشاي ان لم يكن كله يرد من الهند بتعاون بين تجار الكويت والتجار الهنود، ولأهمية هذه المادة بالنسبة للتجارة الهندية آنذاك فقد كانت حكومة الهند تضع لها شروطا تضبط عمليات التصدير، وعندما يقوم احد التجار بنقل كمية من الشاي دون ان يراعي هذه الشروط فإنه يتعرض الى مخاطر جمة، وفي سنة 1938م جدت اشتراطات اضافية عرقلت عمل التجار الكويتيين في مجال تجارة الشاي، فكتب عدد منهم رسالة الى الشيخ احمد الجابر الصباح يشكون فيها الحالة المستحدثة قائلين: «أما فرض حالات استثنائية وطلب شهادات اضافية مما يسبب ارهاق التجارة، ويعطل مصالحنا، مع كونها مخالفة للأصول التجارية على وجه العموم، فلذا نكرر التماسنا يا صاحب السمو بلفت نظر سموكم للعمل لإنقاذنا من هذه الحالة الشاذة».

وقد وقع على هذه الرسالة عدد كبير من رجال الكويت المشتغلين في هذا الحقل منهم عبدالرحمن محمد البحر، ويوسف بن عيسى القناعي وخالد العبداللطيف الحمد، ومشعان الخضير، وأحمد محمد الغانم وغيرهم. وقد لفتت هذه الرسالة نظر الشيخ احمد الجابر الى ان الامر خطير ومؤثر على التجارة بصفة عامة بدليل اجماع هذا العدد الكبير من ابناء الكويت البارزين في ذلك الوقت على التوقيع على الرسالة دون تردد.

فكتب في التاسع عشر من شهر يناير لسنة 1938م رسالة الى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت مرفقا بها صورة لرسالة التجار، وطلب منه سرعة حل هذه المسألة قائلا: «وأملنا وطيد من أن حكومة صاحب الجلالة البريطانية ستنظر وتعمل ما هو الصالح فيما يسهل امر اصدقائها المخلصين كما هي سجيتها».

وفي الرابع والعشرين من شهر يناير من العام نفسه جاء رد الوكيل الى الشيخ يبلغه بأن هذه الشكوى قد ارسلت الى رئيس الخليج الذي سوف يسعى لحلها.

ولم يكن اهتمام الشيخ منصبا على الرسالة التي بعث بها فقط، بل إنه قد اجرى مباحثات متعددة، واتصالات كثيرة مع الوكيل السياسي حاثا إياه على معالجة الأمر، وذلك واضح في رسالة الوكيل، ولا شك في ان اهتمام أمير الكويت الشيخ احمد الجابر الصباح بهذه المسألة يعطي صورة ناصعة عن اهتمام الشيخ بأمر شعبه، وعنايته بسير الحياة الطبيعية في البلاد دون منغصات.

4 - تجار الشاي ومطالبهم

كانت مسألة تجارة الشاي من الأمور التي تشغل حكومة الهند التي كانت بريطانية في سنة 1941م وكانت هذه الحكومة تسعى الى تطبيق السياسات التي تفرضها حكومة لندن من جهة، والحكومة المحلية في الهند من جهة أخرى، وكلتاهما حريصة على هذا النوع المهم من المواد التجارية، اضافة الى حرص البريطانيين على عدم تسرب اي من كميات الشاي الى اعدائهم في وقت الحرب، ولذلك نجد الوكيل السياسي البريطاني - تطبيقا لسياسات بلده - دائم الاتصال بالشيخ احمد الجابر الصباح للاستفسار عن بعض الامور المتعلقة بتجارة الشاي على وجه الخصوص، فمن ذلك انه بحث مع الشيخ موضوع كميات الشاي الواردة الى البلاد، ثم ارسل بعد مباحثاته هذه رسالة الى الشيخ بتاريخ الخامس من شهر ابريل لسنة 1941م يقول فيها: «أطلب من سموكم ان تتكرموا وتقدموا لي تفصيلات عن الشاي الوارد الى الكويت من الهند مرفقة بأسماء الراسلين من المدة الكائنة من اول سبتمبر لسنة 1940م حتى الثامن والعشرين من شهر فبراير لسنة 1941م».

ولما كانت اوراق جمارك الكويت منظمة بما فيه الكفاية، وأن الشيخ ليس عنده ما يخفيه، فكل تجارة الكويت تسير على طرق سليمة، ارسل في الثالث عشر من شهر ابريل لسنة 1941م رسالة يقول فيها: «أبعث لسعادتكم مع هذا كشفا مفصلا به كمية الشاي الوارد الى هنا من الهند، واسماء المرسلين والمرسل اليهم، واسماء البواخر التي ورد بها».

وكان الكشف المرفق محتويا على بيان ضم خمس عشرة ارسالية على بواخر متعددة جاءت من التواريخ التي اشار اليها الوكيل السياسي، وذكر من التجار عبدالرحمن البحر وعبدالرحمن الفارس وعبدالمحسن الخرافي وسلطان بن عيسى ويوسف بن عيسى وغيرهم، اما ما يلفت النظر فهو في الجدول الخاص بالمصدرين من الهند، فقد جاء من ضمن اسمائهم عدد من الكويتيين الذين اتخذوا لهم مكاتب هناك وزاولوا مهنة التجارة منهم محمد وعبدالعزيز البسام وحسين بن عيسى واخوانه واحمد وحمود الخالد.

كان تجار الكويت نشيطين يعملون في كل مجال يكفل لهم الرزق الطيب، وكانت لهم سمعة رائعة بين تجار البلدان التي يتعاملون فيها، مما فتح امامهم مجالات العمل والنجاح.

5 ـ اهتمام الشيخ أحمد الجابر بقضايا تجارة الشاي

هذه عودة الى موضوع الشاي، الشغل الشاغل للسلطات البريطانية في الفترة ما بين عامي 1938 و1941، وقد تبادل الشيخ احمد الجابر الصباح والوكيل السياسي البريطاني في الكويت عددا من الرسائل حول موضوعات متعلقة بهذه المادة الحيوية، ذكرنا شيئا منها فيما مر بنا. في يوم الثلاثين من شهر اغسطس لسنة 1941، وردت الى الشيخ رسالة الوكيل السياسي يستفسر فيها عن سفينتين كويتيتين حملتا الشاي الى الكويت، وفيها يقول: «أتشرف في ان ألتمس بأن تعرفوني عما اذا كانت السفينة «مشهور» (البوم «مشهور» ملك خالد الداود المرزوق واخوانه، والنوخذة هو معتوق محمد المعتوق) نواخذها معتوق، والأخرى «سمحان» ملك سالم بوقماز قد وصلتا الى هنا من الهند، محملتين بالشاي، وذلك في شهر ديسمبر 1940 أو يناير 1941، وقد جرت هذه الارسالية الى عبدالمحسن الخرافي ومحمد المتروك».

وفي القسم الآخر من الرسالة، يوضح الوكيل السياسي السبب الذي يجعله يلح في معرفة بيانات الشحنتين قائلا: «أكون ممتنا جدا فيما اذا يمكن ان تعرفوني تعريفا مفصلا عن صاحب هذا الشاي من الهند، والكميات الواردة، والافادة عما اذا كان من المحتمل ان هذه الكمية من الشاي قد ارسلت الى بلاد الاعداء».

إذن، فهذا هو السبب، ان السلطات البريطانية تتابع شحنات الشاي، وربما جميع الشحنات المشابهة حتى لا تصل الى الاعداء الذين هم في حالة حرب معها، ولذلك تقيم حصارا شديدا حولهم حتى لا يتسرب اليهم أي شيء من منتجات مستعمراتها. واهتم الشيخ أحمد الجابر الصباح ـ كعادته ـ بهذا الامر، وتتبع بيانات السفن الواردة وشحناتها عن طريق طلبه المعلومات من ادارة الجمارك الكويتية التي لا تترك امرا يمر عليها دون ان تدرجه في كشف خاص يسهل الرجوع اليه.

فاكتشف ان المعلومات الواردة في رسالة الوكيل السياسي غير دقيقة، بل غير صحيحة، ولذلك كتب رسالته المؤرخة في الثالث من شهر سبتمبر لعام 1941 وهي تحوي الرد على الرسالة السالف ذكرها، وفيها: «إنني قد تحريت عن ارسالية الشاي المشار اليها، في كتابكم، فلم اجد لهذه الارسالية أي قيد مع السفن المذكورة، لأن هذه الارسالية لو كانت واصلة الى هنا لم يخف امرها على الدوائر الجمركية». وهكذا، انتهى الحديث حول هذه المسألة، واقفل باب التساؤل عن هاتين السفينتين.

حول اللهجة الكويتية

٭ «ش.ك.ل»: «وقد شكلت الكتاب والطائر، فهما مشكولان»، والطائر المشكل في اللهجة هو الذي يربط كل جناح من جناحيه بخيط رفيع حتى لا يطير.

٭ «ش.ل.ل»: «يقال: سله شلا وشللا، اذا طرده، وشللت القوم اذا طردتهم، اذا هزمتهم وضربت ادبارهم». وفي اللهجة يقال: فلان شلل، اذا ذهب راكضا، وفيها ـ ايضا ـ شلل الطائر اذا طار.

«وشللت الثوب: خطته خياطة ضعيفة».

وهي كذلك في اللهجة لفظا ومعنى.

٭ «ش.م.ل»: «ويقال: شملت الشاة اشملها شملا، اذا علقت عليها شمالا، وهو كالكيس يجعل فيه ضرع الشاة».

وهي في اللهجة: شمالة.

٭ «ش.ح.ن»: وشحنت السفينة: «ملأتها»، وهي كذلك في اللهجة.

٭ «ش.د.خ»: «شذخ رأسه يشدخه بالفتح فيهما».

تقال في اللهجة اذا ضرب شخص على رأسه ضربة أدت الى جرح بليغ.

٭ «ش.د.هـ»: «يقال: شده وشده، من قولك رجل مشدوه، أي متحير».

واللفظ جار في اللغة كما جاء في الفصيح، وفيها ـ ايضا ـ معنى: ذهل.

٭ «ش.ر.ر»: «وشررت الاقط والملح

اشرهما، اذا بسطتهما على خصفة او نحوها ليجفا».

Advertisements
Advertisements