- سيف الحموري - الكويت - الأحد 3 يوليو 2022 10:40 مساءً - الحوسني لـ«الأنباء»: المجالس الأهلية في البحرين مثل الديوانيات في الكويت
- متحف القلعة يضم 500 قطعة أثرية ويتكون من خمس قاعات مختلفة زمنياً
- كانت القلعة موقعاً سكنياً في الفترة من عام 2300 قبل الميلاد حتى القرن الـ 18
- أهمية القلعة ازدادت مؤخراً عقب افتتاح متحف يحكي قصة تلك المدينة التاريخية
المنامة ـ هناء السيد
مازالت قلعة البحرين تحتفظ بأسرار تعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد، وهي تتمتع بأهمية تاريخية كبيرة نظرا لاستخدامها كعاصمة حضارة دلمون والحامية البرتغالية والميناء التجاري، ومبنى سكني، والمركز الديني. وتم بناؤها من تل صناعي يبلغ ارتفاعه (40 قدما)، شكله مستوطنون بشريون منذ عام 2300 قبل الميلاد حتى القرن الثامن عشر، أعيد بناؤها لاحقا باستخدام الطراز اليوناني الروماني.
رئيس مجلس الحوسني في مملكة البحرين الشقيقة د.محمد الحوسنـــي شـــرح لـ «الأنباء» تاريخ القلعة الذي يعود إلى خمسة قرون مضت مضيفا أنه منذ أن تم الإعلان عن اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح بدأ الالتفاف حول القارة الأفريقية. ووطئ المستعمر البرتغالي بقدميه أرض البحرين، تلك الجزيرة المطلة على الخليج العربي، لتبدأ معهم مرحلة جديدة من الاستعمار لبلاد الشرق، لم يكن الأمر بالصعوبة التي يتخيلونها، فقد كان الشرق يعاني ضعفا في ظل دولة خلافة ضعيفة في اسطنبول آنذاك.
وأضاف أن أكثر ما لفت انتباه البرتغاليين كان مبنى حجريا ضخما ذا اطلالة إستراتيجية كاشفة لساحل الخليج، تمنح المتحكم فيه القدرة على السيطرة على جزيرة البحرين، وكان ذلك المبنى هو «قلعة البحرين» أو ما كان يطلق عليها بقلعة «دلمون»، نسبة إلى حضارة عظيمة قامت في جزيرة البحرين وشرق الجزيرة العربية، وهي منطقة عرفها السومريون بأرض الفردوس، لافتا إلى أنه عندما اكتشفت في خمسينيات القرن الماضي جاءت بعثة دنماركية برئاسة بيدر فيليم جلوب وجيفري بيبي، ثم أصبحت موقعا رئيسيا لبحوث البعثة الأثرية الفرنسية وحفرياتها، وقد عثر داخلها على أدلة تثبت أنها كانت موقعا سكنيا في الفترة الممتدة من عام 2300 قبل الميلاد وحتى القرن الثامن عشر.
وقال الحوسني: إن القلعة تقع في ضاحية السيف إحدى ضواحي العاصمة البحرينية المنامة، والتي بنيت علي أطرافها الشرقية قلعة البحرين، أهم محطات التبادل التجاري بين بلاد فارس وبلاد ما بين النهرين، وشرق الجزيرة العربية وآسيا الوسطى ومنطقة وادي الهندوس، وخلال العصور الإسلامية، أضحى هذا الموقع موضع تنافس دولي كبير.
الملاحظ في قلعة البحرين إنها طراز مختلف عن كل الطرز المعمارية للحصون التي أنشئت في العصور الوسطي، فلم يكن مجرد مبني حجري ضخم كبقية القلاع الأخري، ولكنه يتكون من عدة أجزاء ضخمة تم على مدى مراحل متتالية، لذا فهو يعتبر أحد المواقع النادرة التي تتضمن طبقات أثرية متراكمة يعود تاريخها إلى أواخر العصر البرونزي في منطقة الخليج العربي، لتشهد على المستوطنات البشرية الأولى منذ عام 2200 قبل الميلاد، وانتهت بهجرة الموقع التدريجية خلال القرن الـ 17 للميلاد.
أما عن تاريخ بناء القلعة، فذكر أن مرحلة البناء بدأت في عهد ملوك مملكة هرمز، تلك المملكة التي تم تأسسيها في القرن العاشر ميلاديا، كان مجرد حصن صغير تم بناؤه من قبل حكام عرب محليين في القرن الرابع عشر الميلادي على مبان تعود لفترات مختلفة، وتتكون من أربعة أبراج دائرية، في كل زاوية برج وبعض الغرف الخاصة بالذخيرة، والغرف الخاصة بالجند، وفي القرن الخامس عشر قام الحكام المحليون بتوسعة القلعة من الخارج، فقاموا ببناء سور خارجي خلف السور الأصلي، مع إضافة أبراج جديدة دائرية الشكل، برجان في وسط الجدار الغربي وبرجان في وسط.الجدارين الشمالي والجنوبي.
وقـــــال الحسنــي إن للحضارة الإسلامية تأثيرها هي الأخرى على قلعة البحرين، ويبدو هذا واضحا في الجهة الشمالية لسور المدينة، حيث يوجد الحصن الإسلامي، والذي يعود تاريخ بنائه طيلة الفترة من 100 ميلادية حتى 1400 ميلادية، وهو مبني على شكل مربع، طول كل ضلع من أضلاعه 52 مترا، وفي كل زاوية يوجد برج دائري، وفي منتصف كل جدار برج على شكل نصف دائرة، ما عدا الجدار الغربي، فإنه يتوسطه برجان على شكل ربع دائرة، حيث يشكلان معا المدخل الرئيسي، وفي كل برج فتحات للرماية، ويتوسطها فناء مربع فيه أربعة ممرات تتعامد وتنفتح على الفناء وتوجد به مجموعات كثيرة من الغرف و«مدبسة» لتخزين واستخراج عصير التمور، أو ما يطلقون علية اسم عصير «الدبس».
وأشار إلى أن أهمية القلعة ازدادت مؤخرا عقب افتتاح متحف يحكي قصة تلك المدينة التاريخية، متحف يضم خمس قاعات مختلفة زمنيا، كل قاعة تحكي عصرا مختلفا عاشته شواطئ الجزيرة العربية، يضم المتحف 500 قضة أثرية، تعد من أهم المقتنيات المستخرجة من الموقع خلال الحفريات الأثرية، تحكي لنا الحقب التاريخية بدءا من دلمون وتايلوس حتى الحقبة الإسلامية، فهناك قطع أثرية توثق لعملية صهر النحاس والبرونز التي يعود انطلاقها خلال العصر الحديدي، وبالتحديد خلال الفترة ما بين 550 ـ 500 قبل الميلاد، حيث كان المعدنان يستخدمان بكثرة آنذاك.