سيف الحموري - الكويت - الثلاثاء 8 مارس 2022 10:01 مساءً - ودّعت الكويت النائب الأسبق غنام الجمهور عن عمر ناهز الـ 91 عاما بعد مسيرة حافلة بالعطاء على المستويين النيابي والوطني.
شارك الراحل بانتخابات مجلس الأمة في الأعوام 1963 و1967 و1971 و1975 و1981 و1985 و1992 و1992 و1999.
فقد خاض رحمه الله انتخابات مجلس 1963 عن الدائرة الخامسة، وحصل حينها على 309 اصوات لم تؤهله للفوز، لكنه عاد وفاز بعدها في الانتخابات التكميلية، كما فاز في انتخابات مجلس 1971 عن الدائرة الرابعة وحصل على 734 صوتا وحل بالمركز الخامس.
فاز رحمه الله في انتخابات مجلس الأمة 1992 عن الدائرة الخامسة عشرة، وحصل حينها على 1165 صوتا وحل بالمركز الثاني، كما شغل عضوية مجلس 1996 عن الدائرة الخامسة عشرة بحصوله على 1368 صوتا.
اللجنة الإسكانية
شغل الفقيد منصب رئيس اللجنة الاسكانية البرلمانية لعدة فصول تشريعية اظهر خلالها حرصه واهتمامه بالقضية الاسكانية وجعلها محور نقاشاته، مركزا على غلاء اسعار الاراضي، وقد تقدم باقتراحات عديدة، منها اقتراح لفرض ضريبة مقدارها 10 دنانير على كل متر يدفعها اصحاب الاراضي، وعندما نوقش هذا القانون تم تخفيض الضريبة الى نصف دينار عن كل متر.
ففي أحد لقاءاته عام 2007، طالب الجمهور، رحمه الله، النواب والوزراء بضرورة العودة الى مناقشات نواب مجلس الامة السابقة في شأن هذه القضية، خصوصا في مجلس عام 1992، حيث طرحت هذه المشاكل الاسكانية، وتم عرض الإجراءات المطلوبة التي تساعد على حلها، مذكرا بمضبطة مجلس الأمة رقم 662 لعام 1992 عندما نوقشت هذه القضية المهمة، مشددا على ضرورة حل هذه القضية ووضعها ضمن الاولويات المطلوب حلها في ظل الفوائض والموارد المالية المرتفعة حاليا.
فقد نذر رحمه الله نفسه للقضية الاسكانية التي كان يعتبرها اهم قضية على الساحة الكويتية، وقد خاض نقاشات عديدة داخل مجلس الأمة ورفع صوته عاليا مطالبا بحقوقهم التي كفلها لهم الدستور، ومطالبا الحكومة بتنفيذ وعودها.
كما كان من اولوياته، رحمه الله، مسألة توحيد الجنسية وتجنيس المستحقين الذين لم يحصلوا على حقوقهم كما حصل غيرهم عليها، فضلا عن قضايا حفظ الأمن والاخلاقيات ومكافحة الرذيلة بمختلف أشكالها، بالإضافة الى عمله الدؤوب لخدمة المجتمع من خلال مقعده في البرلمان.
لقمة العيش
وخلال مسيرته النيابية، عرف عن «بوسعد» رحمه الله حرصه على تحقيق المصلحة العامة، وذلك من خلال ما كان يقدمه من اقتراحات في هذا الشأن، كما ابتعد عن كل ما يثير المشاحنات والفرقة بين أفراد المجتمع، فحمل قضية لقمة عيش الناس في كل احاديثه ونشاطاته، فكان يعتبر انه لابد من إتاحة الفرصة للمواطنين بأن يعيشوا في بلدهم معززين مكرمين دون حاجة للتسكع في الشوارع بلا عمل.
ولكل مواطن في نظره الحق في العمل، وعلى الدولة توفيره بشروط عادلة وهذا منصوص عليه بالدستور وهذا ما يجب ان تطبقه الحكومة.
الشريعة الإسلامية
كان النائب الراحل يعتبر دوما ان الانجازات التشريعية للمجالس النيابية يجب ان تكون متوافقة مع شرع الله وما تقتضيه مصلحة الكويت والشعب الكويتي، وضمن هذا الاطار قدم اقتراح منع تقديم الخمور على الخطوط الجوية الكويتية عام 1971 وهو الاقتراح الذي تم إقراره في المجلس ذاته.
وكان، رحمه الله، يؤكد ان هذه المنطلقات هي التي كان يرتكز عليها خلال عمله النيابي، وقد دعا، رحمه الله، مرات عدة أعضاء مجلس الامة للسير على هذا النهج وتحقيق المصلحة العامة والابتعاد عن كل ما من شأنه بث الفرقة بين افراد المجتمع الواحد والحرص كل الحرص على تحقيق برامج التنمية وفق الخطة الموضوعة من قبل الحكومة.
حقوق الإنسان
كان، رحمه الله، مدافعا عن حقوق الانسان ويسجل له استقالته عام 1998 من عضوية لجنة حقوق الانسان البرلمانية، وذلك تضامنا مع سجناء مركز إبعاد طلحة، واحتجاجا على إبقاء ملفات قضاياهم معلقة من قبل وزارة الداخلية، قائلا: ما فائدة وجودنا كأعضاء في اللجنة في ظل الانتهاكات مع سجناء مركز طلحة وتباطؤها في حل ملف القضية بصورة عامة ؟!
وحث الجمهور حينها زملاءه اعضاء اللجنة على استقالة جماعية اذا ما استمرت حالة اللامبالاة من جانب الوزارة تجاه توصيات اللجنة، الا انه عاد عن الاستقالة عندما لمس تحسن الاوضاع وجرى حل المشكلة.
حاول، رحمه الله، خلال عضويته بلجنة الدفاع عن حقوق الانسان وبمشاركة زملائه اعضاء اللجنة، العمل على تفعيل المواد الدستورية التي تؤكد على مبدأ الحرية الشخصية ومتابعة مدى احترام الأجهزة الادارية للمبادئ التي تضمنتها ليس فقط بالنسبة للكويتيين، ولكن ايضا بالنسبة لمن يعيشون من الجنسيات الاخرى ومن غير محددي الجنسية، واضعا نصب عينيه وجه الله ثم الوطن، ومتوخيا ان تكون دولة الكويت رائدة في احترام حقوق الانسان، وأن تكون صفحتها في ذلك ناصعة البياض، فهي امانة رضي، رحمه الله، ان يتحملها، مصداقا لقوله تعالى في كتابه الكريم (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، إنه كان ظلوما جهولا).
تصويت العسكريين
من الاقتراحات البارزة التي قدمها الراحل خلال مسيرته اقتراحا عام 1997 بقانون بإلغاء المادة 3 من القانون رقم 35 لسنة 62 في شأن انتخابات اعضاء مجلس الأمة جاء فيه:
مادة أولى: تلغى المادة «3» من القانون رقم 35 لسنة 1962م.
وجاء في المذكرة الايضاحية تنص المادة 29 من الدستور على ان «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الاصل او اللغة او الدين.
وتنص المادة «3» من القانون رقم 35 لسنة 1962م المشار اليه على الآتي: «يوقف استعمال حق الانتخاب بالنسبة الى رجال القوات المسلحة والشرطة».
وقد اعد هذا الاقتراح بقانون لازالة كل اشكال التفرقة بين المواطنين فيما يتعلق بحق الانتخاب فقط لما كان المواطن مستوفيا للشروط التي نصت عليها المادة 82 من الدستور من أن يكون كويتيا من الذكور وبالغا من العمر احدى وعشرين سنة فإنه يكون له الحق بالانتخاب.
وقد نص هذا الاقتراح بقانون على الغاء المادة الثالثة من قانون الانتخاب المشار اليه.
ولاشك في ان هذا الالغاء، وبالتالي تمتع رجال الجيش والشرطة بحق الانتخاب، يوسع القاعدة الانتخابية، ويتفق مع الاتجاه الغالب في الدول الاخرى، كما انه يقضي على تفرقة غير مبررة بين رجال الجيش والشرطة «المحرومين حاليا من حق الانتخاب» وبين رجال الحرس الوطني «الذين يتمتعون بهذا الحق».
رئيس تجمع النواب السابقين
ومن منجزاته، رحمه الله، انه قدم عام 2006 لرئيس مجلس الأمة حينها جاسم الخرافي، رحمه الله، كتابا يطلب فيه عقد لقاء دوري يضم النواب والوزراء السابقين على ان يتم افتتاحه ورعايته من قبل رئيس مجلس الأمة قائلا: ان الهدف من عقد هذا اللقاء العمل على ضرورة التواصل والتشاور حول القضايا واستذكار الجهود التي قدمها النواب والوزراء السابقون في خدمة الكويت واهلها، وما يجب عليهم القيام به مستقبلا من اجل هذا البلد، مضيفا ان الهدف كذلك من تكرار عقد مثل هذه اللقاءات هو تأسيس مركز استشاري يضم ذوي الرأي والخبرة للاستئناس بآرائهم التي تتعدد فيها وجهات النظر، مؤكدا انه من الواجب اداء حقوق الالتزام لهذا الوطن الذي اعطى ولازال يعطي لابنائه، وان الاعضاء والوزراء السابقين يطمحون الى مزيد من العطاء، وان هذا الوقت حان لترتيب سبل العمل من خلال اللقاءات المتكررة مع رئيس مجلس الأمة.
وضمن هذا الاطار رأى في مناسبات عديدة ان الكويت تحتاج الى مزيد من التعاضد والتماسك لحماية المكتسبات الشعبية التي نص عليها دستور 62، داعيا الى ضرورة دعم روافد الوحدة الوطنية والبعد عن التعسف في ممارسة النصوص الدستورية.
ودائما ما كان يعبر عن امله ان تتحقق مقومات التنمية للكويت وان يخطو الوطن خطوات ايجابية في عملية الانماء والانجاز حيث كان يدعو اعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية الى توثيق آفاق التعاون لمصلحة الكويت وريادتها مشددا على أهمية تكريس مفهوم المواطنة الحقيقية وتعزيز اواصر التعاون لخدمة الشعب الكويتي واستقراره الوطني.
وبهذه المناسبة الحزينة، تتقدم «الأنباء» إلى أسرة الراحل بأحر التعازي والمواساة، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته ويلهمهم الصبر والسلوان.