سيف الحموري - الكويت - الأحد 20 مارس 2022 09:24 مساءً - بقلم: نايف شرار
يعتبر صاحب الجلالة الملك محمد السادس خير من يضرب به المثل في مجالات عدة، فقد أبان عن إنسانيته الكبرى وحسن تبصره، واستبق الأحداث لإصدار دستور يخدم شعبه ويحميه، واستطاع أن يجعل الربيع العربي يمر على بلاده بردا وسلاما وأمنا ورخاء، بحكمة وحنكة مراعاة للتركيبة الاجتماعية المغربية.
وقد شهدت البلاد في عهده مشاريع إصلاحية كبرى شملت الجانب الاجتماعي كحقوق الإنسان ومدونة إصلاح شؤون الأسرة ولم يكن ما ذكرنا سوى النزر القليل من أعمال جلالته، حيث لا يسمح المقال بالوقوف عليها جميعا، فالمقصود هنا من إنجازاته ينطلق من المقولة الشهيرة «وراء كل عظيم امرأة، ونسرد النساء الفاعلات في المغرب اللواتي يشتغلن وراء جلالة الملك محمد السادس، ومع صعوبة الانتقاء لتعدد الوجوه النسائية اللامعة في هذا البلد، ارتأينا أن نتوقف عند صفوة نساء المغرب اللواتي لعبن أدوارا طلائعية في مجالات مختلفة ديبلوماسية واقتصادية وسياسية وثقافية فكرية، ونستعرضهن فيما يلي:
الحقل الديبلوماسي
يأتي على رأس النساء اللامعات بالمغرب الشريفة للا جمالة العلوي وتعتبر السفيرة الأميرة رائدة المجال السياسي الديبلوماسي، والتي تتميز بنسبها الشريف، وتجمع لقبي السفيرة والأميرة، وتتميز بمستوى علمي رفيع وتراكم للخبرات في المجال الديبلوماسي.
وتعد صانعة للقرارات المؤثرة في أكبر عواصم العالم فعملها بواشنطن يعتبر تتويجا لحنكتها ومساهمة فعالة في تمهيد الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على صحرائه، حيث عرفت كيف تنتزع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا باعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء.
الفكر والثقافة
تنفرد الدكتورة بهيجة سيمو بمسار أكاديمي متميز، فهي الحاصلة على شهادتي دكتوراه الدولة: الأولى من جامعة السوربون بباريس وهي تعد أول امرأة عربية ومسلمة تم اختيارها عضوا في أكاديمية العلوم لما وراء البحار في باريس كما أنها تتربع ضمن أعضاء المجلس العلمي لمؤسسة التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (مؤسسة ألف) كما أنها تحظى بشهرة علمية من خلال كتاباتها التاريخية خصوصا منها أعمالها «البيعة ميثاق مستمر بين الملك والشعب»، الذي صدر سنة 2011 «الصحراء المغربية من خلال الوثائق الملكية»، صدر في سنة 2012.
ولعل إلمامها بهذه القطاعات العظمى في نظم الدولة جعلها تصنف ضمن خمسين شخصية سامية من المشهود لها بالتفرغ لخدمة الوطن. وهو أيضا ما جعلها تحصل على عدة أوسمة مغربية ودولية منها: وسام العرش من درجة ضابط، ووسام العرش من درجة فارس، ووسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط، ووسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة.
العمل السياسي
تمكنت فاطمة الزهراء المنصوري من الاستفادة من تجربة والدها في إدارة الشأن المحلي، والذي شغل منصب باشا المدينة الحمراء.
وتعد المنصوري محامية وسياسية مغربية تم انتخابها عمدة لمراكش عن حزب الأصالة والمعاصرة في سنة 2015، مما يجعلها ثاني امرأة تتقلد منصب العمدة في المغرب كما توصف أيضا بامرأة الإطفاء داخل حزب الأصالة والمعاصرة، كما تم تعيينها من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس،في أكتوبر 2021، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.
سلك القضاء
تفوقت السعدية بلمير في الدراسات القانونية في مجال العلوم السياسية بالمغرب، هذا المسار العلمي توج بتدشين بلمير مسارا مهنيا، وفي 1999 حظيت بلمير أول مرة بثقة الملك الحسن الثاني، الذي عينها في لجنة التفكير.
تقلدت منذ هذه السنة إلى 2005 العضوية بالمجلس الدستوري بعد تعيينها من قبل الملك، وبعدها أصبحت مستشارة لوزير العدل، وطال إشعاع بلمير العلمي خارج التراب الوطني، إذ تم انتخابها في نوفمبر 2005 عضوة باللجنة الأممية لمنع التعذيب، قبل أن يتم تجديد عضويتها في ذات اللجنة التابعة للمجلس الوطني لحقوق الانسان بجنيف، وبتعيينها عضوة بالمحكمة الدستورية تكون قد حظيت للمرة الرابعة بالثقة الملكية.
أمينة بنخضرة
هي خريجة المدرسة الوطنية العليا للمعادن بباريس أسندت لها مهمة الإشراف على دراسة جدوى مشاريع منجمية بالمغرب وفي أغسطس 1994 تم تعيينها مديرة للمعادن بوزارة الطاقة والمعادن. وكلفت أيضا بوضع وتطبيق السياسة المعدنية بالمغرب.
كما عينها جلالة الملك محمد السادس، في أغسطس 2000، مديرة عامة للمكتب الوطني للأبحاث والاستثمارات النفطية وأيضا مديرة عامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن في 11 نونبر 2003.
زليخة نصري
تعد زليخة نصري من أوائل السياسيات المغربيات، حيث عملت مستشارة للملك محمد السادس والعضو المنتدب لمؤسسة محمد الخامس للتضامن، كما تعد أول مستشارة ملكية في المغرب.
وفي1997 عينت وزيرة دولة لدى وزير الشؤون الاجتماعية ومسؤولة عن المساعدة المتبادلة الوطنية، وخلال 1998 تم اختيارها كمستشارة للملك المسؤول عن الشؤون الاجتماعية والاقتصادية، وعينها المغفور له الملك الحسن الثاني في 1999، كما شاركت في إنشاء مؤسسة محمد الخامس للتضامن، وتم تعيينها مديرة لها.
نعيمة قرشي
هي محامية دولية تخرجت بدرجة الدكتوراه في فرنسا بمعهد بانثيون سوربون، حاليا خبيرة دولية في النوع الاجتماعي وشؤون المرأة والسلام في الاتحاد الأفريقي، وقامت مؤخرا بتأسيس منتدى المرأة الأفريقية، ومنتدى المرأة الافريفية عبارة عن شبكة للقيادات النسائية يهدف لدعم النساء لتطوير أنشطتهن من خلال ورش عمل لبناء القدرات والتمويل والمشاركة في الفعاليات الدولية لجعل الخبرة الأفريقية أكثر شهرة وتدير قرشي ورش عمل لكبار المسؤولين حول قدرات المرأة في المناصب الرئيسية.
زينب العدوي
سياسية تشغل منصب رئيسة ديوان المحاسبة بالمغرب منذ 22 مارس 2021، وكانت أول امرأة مغربية قاضية في ديوان المحاسبة، وتولت رئاسة المحكمة الجهوية للمراجعين بالرباط عام 2004.
وفي 20 يناير 2014 تم تعيينها والي جهة الغرب، وأصبحت أول امرأة تحصل على لقب والية في المغرب، وفي 13 أكتوبر 2015 عينها الملك محمد السادس والي جهة سوس ماسة ووالي ولاية أكادير، ثم والي مفتشًا عامًا للإدارة الإقليمية اعتبارًا من 25 يونيو 2017.
رجاء مكاوي
هي أول امرأة مغربية تحصل على دكتوراه الدولة في القانون من جامعة محمد الخامس وأول سيدة تلقي درسا من الدروس الحسنية أمام الملك محمد السادس ونخبة من رجال العلم والسياسة عام 2003.
مريم بنصالح
سيدة أعمال مغربية، شغلت منصب رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب «غرفة التجارة والصناعة» من 2012 إلى 2018، ونالت وسام المكافأة الوطنية «الاستحقاق الوطني» عام 2013، و«الاستحقاق المدني» عام 2017، ووسام الشرف عام 2020.
أسماء الشعبي
استطاعت أسماء الشعبي إدارة الشأن المحلي لمدينة الصويرة، من خلال ترشحها للانتخابات البلدية، وفوزها بمنصب رئيسة بلدية الصويرة وتعد أول عربية عمدة لمدينة 2003-2009 وهي، ابنة الملياردير الراحل ميلود الشعبي.
وتكرس الشعبي جزء من حياتها للأعمال الاجتماعية من خلال مساعدة المرضى المصابين بداء السرطان والأطفال الايتام.
كما تنخرط بشكل فعال في التنمية الاقتصادية للمملكة المغربية وذلك من خلال المجموعة الاقتصادية العائلية، التي تشغل بها نائبة الرئيسة، وهي عضو بغرفة التجارة البريطانية.
امباركة بوعيدة
شغلت منصب الوزير المنتدب للشؤون الخارجية والتعاون في يوليو 2019، تم انتخابها رئيسة لمجلس جهة كلميم وادنون، وهي أول امرأة تُنتخب كرئيسة جهة مغربية، وانتخبت في مجلس النواب عام 2007، مما يجعلها أصغر عضو في البرلمان، وترأست لجنة الشؤون الخارجية وكانت مسؤولة عن العلاقات بين البرلمان المغربي والأوروبي.
وعينها الملك محمد السادس وزيرة منتدبة للشؤون الخارجية في 10 أكتوبر 2013.
ميمونة السيد
من النساء الرائدات في الاعلام بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية حيث عملت مقدمة نشرة الاخبار بقناة العيون الجهوية كذلك عملت في الشأن التنموي على صعيد جهات جنوب المملكة من خلال الاشتغال بوكالة تنمية الأقاليم الجنوبية التي كانت لها بصمتها في اعطاء نفس آخر لعجلة النماء والتطور بالمنطقة.
ميمونةً وبفعل ما راكمته من تجارب وخبرات في مجال التنمية والاعلام والتواصل مع كافة شرائح المجتمع بالصحراء المغربية تتوج مسارها الحافل برئاسة اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بجهة الداخلة وادي الذهب وهي احدى لجان المجلس الوطني لحقوق الإنسان ـ الهيئة الدستورية.
حيث كان اداء هذه اللجنة مثار اشادة وتنويه من قبل مجموعة من التقارير الأممية.
«الاحتراز من مكائد النسوان».. أخبار وقصص حول دهاء المرأة وكيدهابقلم: أسعد الفارس
كنا في أواسط التسعينيات من القرن الماضي نلتقي في رحاب صحيفة «الأنباء» الكويتية، وكان من بيننا من يهمهم جمع الأخبار السياسية محليا ودوليا، وآخرون معنيون بالقضايا الاجتماعية وقضايا مجلس الأمة وعلى هامش صفحات الصحيفة هناك من يروّح على الناس من هذا البناء والصخب السياسي بالطرائف الادبية والأشعار.. والحكايات والأساطير والموروث الشعبي وكنت من بينهم ناشطا في هذا المجال، فوقع بيدي كتاب طريف بعنوان «الاحتراز من مكائد النسوان» لعلي بن عمر الأبوصيري المعروف بابن البتنوني المتوفى عام 900 هجرية، ويعد الكتاب من اطرف الكتب التي تعنى بقضايا المرأة والمجتمع والفكر الاجتماعي.. وكان من الكتب التي تلفت انتباه القراء بما يخص أخبار المرأة، وهي الطرف الناعم من الجنس البشري.. والتي هي الأنس الذي وهبه الله للرجل، وهي السر الواضح والجلي والخفي كذلك في هذا الكون، ويبدو ان المؤلفين ادركوا جاذبية هذا السر فزينوا كتبهم بأخباره وما كتب عنه، فكم من كتاب تم تأليفه في اخبار وطرائف النساء، ومنها هذا الكتاب: «الاحتراز من مكائد النسوان».. فساق بين دفتيه عشرات الأخبار والقصص عن دهاء المرأة وكيدها، والوسائل التي اتبعتها لإيقاع الرجل بحبائلها، والوصول الى ما تريده.. وبالرغم من ان الكيد ليس حكرا على النساء، فربما كان من بين الرجال من هو أشد مكرا وكيدا.. غير ان الروايات كانت مسلية وطريفة تختلط فيها الأخبار الدينية بالاساطير والروايات الخيالية وما يعرف بالاسرائيليات في القصص الديني الغربي، ومن تلك الاخبار والروايات ما جاء في القرآن الكريم: (يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة) وقد أغنت التفاسير هذه الآية الكريمة.. غير اننا نعرج على كثرة الروايات الاضافية التي تؤكد ان إبليس ركب الحية وذهب لآدم وقد كانت الحية من الحيوانات ذوات الاربعة قوائم، وقال لآدم اني لك من الناصحين فما منعك ربك من أكل ثمار الشجرة الا ان تكون من الملائكة الخالدين في الجنة، فعصى آدم ربه، وتتهم حواء بأنها أكلت معه فأمرهما الله بالهبوط الى الأرض وعاقب الحية بأن حرمها من أطرافها وجعلها تزحف على بطنها على الأرض مباشرة، وحرم إبليس من الجنة.. ثم تابع المؤلف ان أمنا حواء خلقها الله بيضاء نقية صافية البياض ناصعة.. كحلاء سوداء الشعر، ولذا سميت بحواء. وأمثال هذا الكتاب مؤلفات كثيرة في أخبار النساء وطرائف ما كتب بشأنهن، ومنها كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني، وبلاغات النساء لابن تيفور، وغيرها.. ويبدو كذلك ان الأمة كانت تعيش فترة الترف الفكري، فهذا يكتب عما قيل في الحمام من قصص وأشعار وحكايات، وآخرون مثل الجاحظ يكتب الرسائل عن اخبار العرجان والعميان، وغيرها من المؤلفات.. وهي من تراثنا الأدبي.. فاشتق منها الأدب الشعبي أو الموروث الشعبي وفيه الروايات والحكايات.. ومن كل فن لون محبب الى محبي الأدب والتراث.. وعودة الى هذا الكتاب الطريف في موضوعه غير ان طرح موضوعه وهو بهذا العنوان كان بالنسبة لي مشكلة.. في زمن نشاط المرأة وحضورها الاجتماعي.. وخصوصا في دولة الكويت فالمرأة مثقفة.. وعالمة.. وربة بيت واستاذة جامعة، وطليقة في كل مجالات الحياة، والمشكلة ان الزميل مخرج المقالة اراد ان يورطني بمقلب فقد عرض مع المقالة صورة حية وجمع في الاتهام بالكيد والمكر بين إبليس والحية والمرأة، فلما نشرت المقالة كنت أنا الملوم والجاني بالرغم من أني مجرد باحث يعرّف بالكتاب بقده وقديده، فاتصلت بي أكثر من اخت تستنكر ما كتب وكأني أنا ابن البتنوني.. وكانت من بينهن امرأة كويتية أمطرتني «بعلقة ساخنة» من التأنيب، أنت أسعد الفارس، «ايش حقها تجعلنا من الحيات»، ولم تنفع مهارتي بالاعتذار، فاستسلمت معتذرا تائبا ألا أعود لمثلها في أي مقالة اخرى فيبدو ان من يمد يده في قضايا المرأة كمن يمد يده في عش الدبابير.. وسامح الله صديقي الاخ المخرج الذي لا أود ذكر اسمه، الذي كان وراء كل هذه العلقة الساخنة من بعض الأخوات المثقفات في الكويت.. ومن جملة سيل الاعتذارات اني سوف أكفر عن فعلتي بمقالة أخرى.. ليست مثل التي جاء بها ابن البتنوني فدبجت مقالة رائعة أثرية تاريخية بعنوان «المرأة في موكب الحضارة الإنسانية»، فالمرأة كانت بالفعل في مقدمة موكب الحضارة الإنسانية، وابتعدت عن العصور المتأخرة بل عرجت على دور المرأة في الحضارة الانسانية القديمة.. فقد كانت المرأة تعنى بالزراعة وجمع البذور، ولذلك جعلوها في الاساطير القديمة ربة الخصب ورمز الأنوثة والعطاء مثل الروايات التي نسجت عن ربة الخير «عشتار» وقصص وروايات جلجامش، بينما كان الرجل منهمكا بالحرب والدفاع.. وتدجين الحيوانات والصيد والغزوات.. ومن الطريف انني دعيت بعد المقالة لحفل أقامته واحدة من جمعيات المرأة الكويتية، فذهبت الى هناك وأنا خائف من علقة ساخنة ثانية.. لكن الله سلّم مع حبي وتقديري للمرأة من أمنا حواء البيضاء الكحلاء.. إلى اخواتنا النساء الطيبات اللاتي يشاركننا في كل مجال.
وإذا ما كانت لي من نصيحة أقولها في ختام هذه المقالة.. فعلى الكاتب عندما يعد كتابه ومقالته.. أن يراعي المستوى الثقافي والوعي الاجتماعي لمن يكتب لهم، والحمد لله رب العالمين.