- سيف الحموري - الكويت - السبت 3 ديسمبر 2022 10:25 مساءً - العنزي لـ «الأنباء»: حالات فردية ليس مخططاً لها وتكون وليدة اللحظة
- الجناع لـ «الأنباء»: تضافر الجهود لتحقيق المصلحة العامة بالقضاء على العنف
- طاهر لـ «الأنباء»: الخطأ من الأهل عندما يتدخلون بقوة لنجدة أبنائهم
- السويري لـ «الأنباء»: إشراك المراهقين في أنشطة اجتماعية ورياضية وثقافية
- العصفور لـ «الأنباء»: نطالـب مجلس الأمة بسنّ تشريعات لحماية المعلمين
آلاء خليفة
بعد العودة الشاملة للدراسة، ازدادت حالات العنف داخل المدارس، سواء بين الطلبة بعضهم البعض أو بين الطلبة والمعلمين وكذلك بين الطلبة وأولياء الأمور، فاستوقفتنا تلك الحالات لمعرفة ما الأسباب التي ادت لها وما طرق العلاج والحلول وهل جائحة كورونا وحالة الانغلاق التام التي كانت أثناء الجائحة لها دور في تفاقم العنف في نفوس المراهقين والشباب؟ توجهنا بتلك الأسئلة الى مختصين اجتماعيين ونفسيين وقانونيين وخرجنا بالآراء التالية:
بداية، ذكر مراقب الخدمات الاجتماعية في وزارة التربية بدر العنزي لـ «الأنباء» ان التقارير السنوية الصادرة من ادارة الخدمات الاجتماعية والنفسية حول العنف تؤكد انها حالات فردية في بعض المدارس وليست ظاهرة.
وأفاد العنزي بأن تلك الحالات ليس مخططا لها وانما تكون وليدة اللحظة وبسبب موقف ما يحدث فيتم التفاعل معه بشكل لحظي بناء على المعايير الثقافية والاجتماعية المتوارثة في البلد ومنها ان «من طقك طقه»، موضحا ان تلك المعايير قد تكون موجودة في منطقة سكنية معينة.
وشدد على ان هناك اسبابا عديدة للعنف ابرزها الموروثات الثقافية والاجتماعية التي يكتسبها الطفل من أسرته بالاضافة الى مدى تعلم الطالب بمهارات حياتية تقيه من الوقوع في المشكلات أو تحميه عند التعرض للمشكلات.
وأكد العنزي على اهمية دور مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز القيم والاخلاق والسلوك وألا يكون دورها مجرد تنظيم انشطة فحسب، مشددا على اهمية وجود مراكز مجتمعية تكون متنفسا للعائلات والشباب في الدولة.
وشدد على ضرورة سن تشريعات وقوانين تحمي كل الاطراف في حال حدوث اي اشكالية، فضلا عن ضرورة تطبيق اللوائح بعيدا عن الواسطة، وقال: لدينا خطة سنوية مدروسة نقوم من خلالها بتفعيل دور كل المكاتب الاجتماعية والنفسية، بحيث تقوم بالعمل على 3 جوانب رئيسية وهي الجانب الوقائي وكيفية تحفيز الوقاية عند الطالب وغرس القيم والمبادئ بداخله التي تفيده في كيفية التعامل عند حدوث المشاكل والضغوطات، وألا يصدر منه اي سلوك يسبب له أذى، بالاضافة الى الجانب التنموي من خلال تنمية المهارات واشراك الطالب في أنشطة تسهم في تحقيق التوازن بالحالة النفسية للطالب وتحقيق الذات وتقديرها، فضلا عن الجانب العلاجي ومعالجة الظروف المحيطة بالطالب والتي خلقت منه شخصا يميل للعنف ومنها الظروف الاجتماعية كحالات الانفصال بين الابوين او غيرها.
وذكر العنزي انه يتم تفعيل تلك الخطة ومتابعتها من قبل المناطق التعليمية وعلى وجه الخصوص التوجيه الفني الذي يشرف بشكل مباشر على عمل المكاتب الاجتماعية والنفسية في المدارس وتسجيله في كل المدارس بسجلات رسمية، موضحا ان عمل المكاتب يقوم على السرية والخصوصية لكل الحالات.
وأوصى بضرورة ان يقوم كل شخص بدوره المطلوب منه للقضاء على اي حالات عنف، مؤكدا ان للمدرسة دورا ولولي الامر دورا ولوزارات الدولة دورا، ولمؤسسات المجتمع المدني كذلك دور.
ووجه العنزي نصيحة لافراد المجتمع بعدم تداول الاخبار الخاصة بأي حالة عنف على مواقع التواصل الاجتماعي نظرا لأنها تسبب حالة من الذعر لدى افراد المجتمع وان تم نقله عبر وسائل الاعلام المختلفة، فلا يكون بشكل سلبي بل استثماره بشكل ايجابي في الجانب التوعوي.
الإغلاق وكورونا
من جانبها، ذكرت موجهة الخدمة الاجتماعية في وزارة التربية موزة الجناع لـ «الأنباء» ان العنف موجود منذ زمن بعيد ولكنه تفاقم بعد جائحة كورونا نظرا للاغلاق الذي تم خلال تلك الفترة وبقاء الابناء في المنازل لفترات طويلة.
وافادت الجناع بأن بعض اولياء الامور لديهم دور في هذا العنف، قائلة: نحن لا نريد ان نجعل من الاغلاق الذي تم خلال جائحة كورونا شماعة نعلق عليها ازدياد حالات العنف، ولكن كان يفترض ان يكون الاغلاق فرصة لاستثمار طاقات الابناء واستغلالها في امور مفيدة تطور مهاراتهم، لافتة الى ان بعض القرى في بعض الدول يستغلون طاقات الاطفال في امور مفيدة من خلال ادماجهم في انشطة رياضية وفنية ويدوية وألعاب شعبية وغزل الصوف.
وذكرت أنه بعد زوال جائحة كورونا والعودة الشاملة للمدارس لاحظنا حالات عنف بين الطلبة، فضلا عن حالات الرفض المدرسي والبكاء عند الذهاب للمدرسة خاصة في مرحلتي رياض الاطفال والابتدائية كونهم لم يتم تأهيلهم لمرحلة الدراسة في المدرسة.
واشارت الجناع الى ان بعض اولياء الامور يكونون هم سبب العنف لدى ابنائهم بسبب تعنيفهم للابناء في المنزل، وبالتالي يطبق الابن ما يراه في المنزل داخل المدرسة مع زملائه، موضحة ان الاخصائي الاجتماعي في المدارس يتعامل مع كل الحالات ولكنه غير مسؤول عن اسباب العنف التي قد تعود لحالات الطلاق او السجن او غيرها من الاسباب، موضحة ان هذا دور الاهل ولابد من تعاون اولياء الامور مع المدرسة لخلق طالب سوي.
وشددت على ضرورة سن تشريعات وقوانين لحماية المعلمين والباحثين الاجتماعيين، موضحة ان بعض اولياء الامور يتطاولون على المعلمين وعلى الاخصائيين الاجتماعيين في المدارس ولابد من قوانين تحميهم من بعض اولياء الامور. وأكدت على اهمية تضافر الجهود من كل وزارات الدولة، لاسيما التربية والداخلية والشؤون والاعلام وجمعيات النفع العام لما فيه تحقيق المصلحة العامة بالقضاء على العنف داخل المدارس. واضافت قائلة: ويجب على كل مواطن ان يكون غفيرا على اخلاقه وعلى تصرفاته وغفيرا على مجتمعه وان يكون هناك شعور بالمسؤولية، وأن يقوم كل بدوره في المجتمع.
التعرض للتنمر
بدورهـــا، أوضحـــت استاذة علم النفس الجنائي بجامعة الكويت د.نعيمة طاهر لـ«الأنباء» ان بعض الخلافات التي تحدث بين الطلبة في المدارس تكون بسيطة وتنتهي بانتهاء الدوام الرسمي من خلال تدخل الاخصائي الاجتماعي والنفسي بالمدرسة، ولكن في احيان اخرى بعض الطلبة يستنجدون بآبائهم او بإخوانهم الاكبر عمرا حتى يأخذوا حقهم، لأنهم اما تعرضوا لتنمر من زملئءهم او انهم اضعف من ان يواجهوا زملاءهم في المدرسة فيستعينوا بالاقوى والاكبر، حتى يأخذ حقه حتى لا يتعرض مرة لاخرى لأي اعتداء من زملائه.
وتابعت: وهذا الأمر خطأ تماما، ويجب على أولياء الأمور والإخوة الأكبر عمرا أن يأخذوا الموضوع بتروّ وأن يعرفوا أصل المشكلة من خلال التوجه للمختص الاجتماعي والنفسي لمعرفة اسباب المشكلة، ومن المخطئ والمتسبب بها حتى يتضح الوضع.
وذكرت طاهر أن الخطأ من الاهل عندما يتدخلون بقوة سواء باستخدام الكلمات الجارحة للطلبة والاساتذة او استخدام القوة في المدرسة لنجدة ابنائهم، موضحة ان الشخص العنيف هو شخص يعاني من اضطرابات انفعالية وتعرض في طفولته ربما للكثير من العنف، وبالتالي عندما يرى ان اخوه تعرض لمشكلة في المدرسة يسرع الى نصرته باستخدام العنف، وقد يعتبره تعويضا عما اصابه اثناء وجوده وهو صغير بالمدرسة ولم يتمكن من اخذ حقه في تلك الفترة، مشيرة الى ان هذا الوضع خاطئ تماما وغير مقبول.
وافادت بأن هناك اسبابا اخرى ترجع الى ضعف الادارة المدرسية في حل المنازعات داخل أسوار المدرسة وفي كيفية مواجهة المشاكل التي تحدث بين الطلبة في المدرسة مما يضطرهم الى الاستعانة بأولياء امورهم لأخذ حقهم من الطلبة الآخرين.
وتابعت: ونحن نعلم ان مرحلة المراهقة يحدث بها تغييرات هرمونية كثيرة وانفعالية وتكوين للشخصية، وبالتالي فإن تلك الأمور تؤدي للعنف داخل المدارس.
وحول طرق العلاج، قالت طاهر: يبدأ العلاج من داخل الاسرة اولا، فيجب على الاسرة ان تُفهّم الطالب وتوعيه بأن ما يدور في المدرسة يظل بداخلها ويجب عدم نقله للخارج حتى لا تتفاقم المشكلة، ويفترض ان جميعهم اخوان وزملاء داخل المدرسة، موضحة ان في حال رغبت الاسرة في التدخل فعليهم الذهاب الى الادارة لفهم الموضوع بحضور اطراف النزاع وليس بالتهجم مباشرة على المعلمين والطلبة.
مسؤولية مشتركة
من ناحيته، أوضح رئيس لجنة التعليم والتدريب بمجلس الشباب الكويتي م.فلاح السويري ان العنف ليس بالأمر الجديد على المجتمع فمنذ فترة ظهرت حالات عنف بين الشباب في المدارس والجامعات والمجمعات التجارية ولكنها لا يمكن وصفها بأنها ظاهرة وانما مجرد حالات فردية بين مجموعة من المراهقين والشباب. وأوضح السويري أن المسؤولية مشتركة بين عدة جهات أهمها الأسرة والمدرسة والمجتمع بمؤسسات المدنية وجمعيات النفع العام مشددا على ضرورة تضافر الجهود جميعها للقضاء على العنف بكل أشكاله وأنواعه. وشدد على ضرورة اشراك المراهقين والشباب في انشطة اجتماعية ورياضية وثقافية لتفريغ طاقاتهم في امور مفيدة تشغل أوقات فراغهم وتبعدهم عن ممارسة العنف بأي شكل كان.
سن قوانين
بدوره، قال المحامي حسين العصفور لـ «الأنباء» ان هناك قانونا يجرم اعتداء الطلبة على بعضهم البعض وكذلك اعتداء الطلبة وأولياء أمورهم على المعلمين. واضاف العصفور: هناك قانون الاحداث، اذا كان الطالب حدث اقل من 18 عاما يقوم المعلم بتقديم بلاغ ضد الطالب في حال الاعتداء عليه او في حال حدوث مشاجرة بين الطلبة بعضهم البعض ويتم معاقبة الطالب وفقا لقانون الأحداث الذي نظم تلك العملية وهناك نيابة أحداث تقوم بالتحقيق في تلك الأمور وهناك عقوبات تصل الى الايداع مع منظم السلوك وهو الاختصاصي الذي يشرف على سلوك الطلبة وان يتم تسوية ذلك السلوك بالشكل الصحيح اذا تم الحكم عليه بإيداعه في أحد دور الرعاية وهي دور الرعاية المشرفة على الاحداث.
من ناحية اخرى، اوضح العصفور انه اذا كان الطالب فوق الـ 21 في المرحلة الجامعية على سبيل المثال وقام بالاعتداء على طالب زميله او عضو هيئة التدريس فيتم تقديم شكوى ضده في احد المخافر التابعة للمنطقة التي يوجد بها الجامعة.
وأفاد بأنه في حال قام ولي أمر بالاعتداء على احد الأساتذة فيتم تقديم بلاغ ضد كذلك في مخفر المنطقة نفسها التي تمت بها الواقعة.
واشار العصفور انه مع الاسف الشديد شهدنا الفترة الاخيرة حدوث الكثير من المشاجرات في المدارس سواء بين الطلبة بعضهم البعض أو بين أولياء الأمور والمدرسين، فضلا عن تعنيف المدرسين او المدرسات على الطلبة، مشددا على ضرورة ردع ذلك الأمر وعمل ندوات تنويرية وتوعوية وورش عمل بمشاركة اخصائيين اجتماعيين ونفسيين وتربويين مع ضرورة سن تشريعات جديدة تحمي المعلمين لردع الاعتداءات التي يتعرضون لها لاسيما وأن المعلم له مكانته في المجتمع «قف للمعلم وفه التبجيل كاد المعلم أن يكون رسولا»، مشددا على اهمية احترام المعلمين ولابد ان يكون قانونا رادعا خاصا بحماية المعلمين بخلاف قانون الجزاء.
وشدد العصفور على اهمية تشريع تلك القوانين في مجلس الأمة ووضع الرادع الصحيح للطلبة، مطالبا في حال قام اي طالب بالاعتداء على المعلم لابد ان يتم فصله نهائيا من اي مدرسة حكومية وحينها سيضطر الأب لتعليم ابنه في مدرسة خاصة بنفقات مادية لعله يكون رادعا للطالب في كيفية احترام معلمه.