الارشيف / اخبار الخليج / اخبار الكويت

الكويت قديماً..خدمات مجتمعية خيرية وعناية بالثقافة.. بقلم: د.يعقوب يوسف الغنيم

  • سيف الحموري - الكويت - الاثنين 4 أبريل 2022 07:48 مساءً - رعاية المبتعثين وتقديم الخدمة الصحية وإعداد مكتبة لهواة الأدب أهم أعمال الجمعية
  • النادي الأدبي تأسس عام 1922 وشارك في إنشائه عدد من أبناء الكويت
  • الكويت شهدت حركة فكرية ونهضة علمية وأدبية وثّقها الشيخ عبدالعزيز الرشيد
  • المكتبة الأهلية فتحت أبوابها للقراء في 1922 وأصبحت منهلاً صافياً للمطالعين
  • تداعى محبو الأدب إلى إنشاء رابطة كانت لها مشاركات مهمة في كل منتدى


تقترب هذه الأوراق، من نهايتها فما يصدر هنا هو بقايا ما تم اختياره من موضوعات التي تتعلق بزوايا تاريخ الكويت وفيها امور لابد وأن تذكر حتى تعرف الاجيال ما قام به الاجداد في كافة النواحي، وهذه الناحية التي نقصدها هنا هي الناحية التي فيها اثر الاهتمام القديم من ابناء هذا الوطن بخدمة المجتمع، وبالعناية بالثقافة في كل ما تنحو إليه، وما ينتج عنها من اعمال مهمة، وسوف يكون حديثنا بهذا الشأن عما يلي:

- الجمعية الخيرية.

- النادي الأدبي.

- المكتبة الأهلية العامة.

- الرابطة الأدبية.

ثم نلحق بهذا كله ما يتعلق باللهجة الكويتية كما اعتدنا من قبل.

ومن هنا نبدأ:

أولا: الجمعية الخيرية

اتجه اهل الخير من الكويتيين الى عمل يكون فيه دوام البذل للمحتاجين بما يشمل الغذاء والعلاج والتعليم ونشر الوعي الديني بين المواطنين، وحالما وجدوا ان الأمر يحتاج الى تنظيم، والجهود تحتاج الى تكاتف العاملين بدأت الدعوة الى قيام جمعية تتولى ذلك بمساعدة كل من دعا الى انشائها، فكانت الجمعية الخيرية هي اولى الخطوات في تنظيم العمل الخيري في الكويت. نشأت هذه الجمعية في سنة 1913م، وبدأ بالدعوة إلى إنشائها، واجتهد في سبيل قيامها بعد ان تلمس الحاجة في المجتمع الى مثلها المرحوم فرحان الخالد، وكانت له اعمال خيرية قبل انشاء هذه الجمعية، فهو من صناع الخير المعروفين وكان قد حشد لها عددا كبيرا من الرجال الذين كانوا يهتمون بالعمل الخيري، ويدعون اليه، وارتاحوا الى وجود تنظيم يكفل اداءه الى من يستحق بحيث يكون عاما، وتكون الاعمال التي تقوم بها الجمعية المقترحة والتي بدأ عملها في التاريخ المذكور آنفا اعمالا متنوعة ولكنها ذات اتجاه واحد هو عمل الخير على اية صورة تكون. هذا، وقد جرى احتفال كبير بمناسبة بدء عمل هذه الجمعية حضره الشيخ ناصر المبارك الصباح، وألقى فيه كلمة طيبة مشجعة للعاملين وداعيا فيها لمؤازرتهم. وحضرها الشيخ عبدالله الخلف الرحيان، وألقى فيها كلمة ضافية حبذ فيها هذا العمل ودعا الى دعم الجمعية من كافة القادرين، وكان من اهم من وقف معهم، وفي الحفل نفسه المرحوم فرحان الخالد فألقى كلمة بين فيها بعد ان مهد لقوله بآيات كريمة من القرآن الكريم كلها تحث على فعل الخير، كما ذكر احاديث نبوية شريفة مما يؤيد مثل هذه الاعمال المنتظرة. ثم قال: «ؤلا يخفى عليكم ان اسلافكم رحمهم الله مع عدم امتدادهم في الوقت عمروا المساجد وأوقفوا الأوقاف وهذه اعمالهم بين ظهرانيكم تشهد لهم، وأنتم خلف من سلف، فلا تكونوا ادنى منهم، والله لا يضيع اجر المحسنين، ومن فضل الله انه سبحانه قد افاض عليكم نعمه في زمن أميركم المحبوب، مبارك الاسم، ميمون الطالع، مولانا الشيخ مبارك الصباح المشهود له مع أنجاله الكرام بالعدل والانصاف وحبهم الخير ومساعدة الوطن والرعية، اعزهم الله على اعدائهم ووفقهم وهداهم، فعليكم ايها الاخوان بالتعاون على البر والتقوى، واعلموا ان هذه اول جمعية خيرية في بلدنا لمساعدة اخواننا من الفقراء والمساكين والأيتام». vثم انطلق اعضاء الجمعية الى العمل، وشاركهم عدد من المتطوعين في بعض ما انشأته الجمعية وسعت إليه مثل:

- الاهتمام بإرسال طلاب للدراسة في الخارج، وكان هذا الهدف من اول اهدافها، ولكننا لا نستطيع ان نصل الى معرفة اي طالب ممن احتضنتهم الجمعية، ورعت دراستهم.

- احضرت الجمعية طبيبا من الخارج تولى افتتاح مستوصف تابع لها يؤدي مهمة العلاج المجاني، ويصرف الادوية للمرضى.

- اعدت مكتبة يمكن لهواة الادب والاطلاع الرجوع اليها وكانت تحصل من بعض الكويتيين على كتب تضمها الى مكتبتها، كما كانت تشترك في عدد من الصحف فتأتيها من الخارج، وتعرضها لمن يحب القراءة، والاتصال بالعالم الخارجي عن طريقها.

- احضرت واعظا مشهورا في وقته هو الشيخ محمد امين الشنقيطي وبقي فترة من الزمن يلقي خطبا يعظ فيها الناس، ويوضح لهم امور الدين الحنيف.

- كما عُنيت بتعليم الاميين، فاستقبلت عددا منهم في موضع خصصته من مقرها لذلك، وكان الشيخ الشنقيطي مشرفا على هذا العمل.

- وعندما لاحظت هذه الجمعية في مسعاها الطيب الى الخير ان الحصول على الماء العذب مشكلة للناس في ذلك الزمان، وبخاصة منهم الفقراء الذين صاروا يعانون كثيرا من هذه المشكلة، قامت بجلب الماء من شط العرب بواسطة سفينة توزع حمولتها على المحتاجين.

- واهتمت بتجهيز الموتى من كافة الوجوه، وقدمت ما يعين على ذلك.

- وقامت بتعمير المساجد وإصلاحها، وامداد المحتاجين الى ما يحتاجون اليه، والاخذ بأيديهم.

- رعاية كل من يدخل الى الاسلام من غير المسلمين، ومتابعة احوالهم، وتقديم المعلومات التامة لهم عن صحيح الاسلام.

وعلى الرغم من ان قيام هذه الجمعية بالأعمال التي ذكرناها، وعلى الرغم من التفاف الناس حولها وثنائهم عليها الا انها لم تستمر في الوجود طويلا، الا بضعة اشهر حتى زالت، وكان من اول ما عانته وفاة مؤسسها والداعي الى نشأتها فرحان الخالد في شهر ديسمبر لسنة 1913م، ولم تستطع المسير كما اراد المؤسس بعد وفاته، فتوقفت عن العمل لعدة اسباب منها ما حدث لمؤسسها رحمه الله.

ثانيا: النادي الأدبي

وقد تأسس بعد الجمعية الخيرية بعدة سنوات، وكان قيامه دليلا على نمو الوعي بين عدد من ابناء الكويت في ذلك الوقت، وإذا لاحظنا انشطة هذا النادي وما كان له من سمعة طيبة في الكويت، وما حولها، عرفنا ان ابناء هذا الوطن كانوا يتطلعون دائما الى تقدم وطنهم في مختلف المجالات ومنها المجال الثقافي الذي اهتم النادي برعايته وذلك مما تدلنا عليه اعماله المعروفة، وقد قال الشيخ عبدالله الجابر الصباح رحمه الله في مقابلة تلفزيونية انه كان مرتبطا بهذا النادي وكان رئيسا له وأنه مشارك في كثير من اعماله.

وقد تأسس النادي الادبي في سنة 1922م وشارك في إنشائه عدد من ابناء الكويت.

وقد تحدث الشيخ عبدالعزيز الرشيد عن الحركة الفكرية في البلاد في عهده فقال (1): في الكويت اليوم حركة فكرية، ونهضة علمية وأدبية، يدير شؤونها اناس علموا بالحوادث التي مرت عليهم ان العصر عصر ارتقاء وتقدم لا عصر جمود وتأخر، علموا بذلك فساروا بكل همة ونشاط، وبكل اقدام وجرأة، تتقدمهم الأحلام اللذيذة والآمال العذبة. وقد عزا تلك النهضة الى عدة اسباب، منها الاطلاع على ما يرد البلاد من صحف مختلفة الاغراض والمصادر، وكانت تردهم على الرغم من المشاق التي كانوا يعانونها في سبيل الحصول عليها، وكان اهتمامهم بالصحف في ذلك الوقت عظيما حتى قال المرحوم احمد البشر الرومي: إن للصحف بقلبي

منزلا أعلي محله

وذكر الرشيد ان السبب الثاني هو الآراء الحرة والنصائح الثمينة التي كان يبثها اهل العلم والفضل من الغرباء، وقد استقبلت الكويت في تلك الفترة عددا منهم كالأستاذ محمد رشيد رضا 1912م والاستاذ عبدالعزيز الثعالبي 1924م والشيخ محمد الشنقيطي 1924م وكان الاهالي يحتفون بهؤلاء الضيوف، ويحرصون على الاستماع الى محاضراتهم، وحضور مجالسهم الارشادية، وكان تقديرهم كبيرا لهؤلاء المصلحين، وفي ذلك يقول احد ابناء البلاد وهو عبداللطيف النصف مرحبا بالشيخ محمد الشنقيطي:

إيه بني قومي وسادة معشري

اوموا إليه بشكركم وأشيروا

خلوا النواظر شاخصات نحوه

وذروا القلوب تسير حيث يسير

والسبب الثالث من اسباب النهضة يقول الرشيد - هو: ظهور شبان متنورين امتلأوا حماسة وغيرة حتى اخذوا يعانون انهاض الوطن الى العلا، ورفعه الى مستوى الكمال.

وهكذا أخذ هؤلاء الشبان يسيرون على طريق العمل من اجل انتشار العلم والثقافة في البلاد مستعينين بكافة الامكانات المتيسرة لهم، ولهذا الغرض آزروا تلك المؤسسات التي اشرنا اليها وأفادوا من جهودها، وقد شرع هؤلاء بعد ان اعدوا انفسهم، وأقبلوا على الدراسة والقراءة ومجالسة العلماء والأدباء، وبخاصة منهم زوار الكويت الذين كانت لهم سمعة عالية في هذا المجال، بالسير في طريق الانتاج الثقافي بقصد التوعية، والحث على التقدم وذلك بالسعي الى فتح الاذهان الى كل جديد. وكانت لهم مقالات نشرت في الصحف التي كانت تصدر في دول الجوار، ويشاركون في الندوات التي يقيمها النادي ويحضرون جميع انشطته.

ولكن هذا النادي لم يدم طويلا لأن الظروف لم تكن مساعدة على استمراره، ولكن الحركة الفكرية التي اثارها، و لفت الأنظار اليها استمرت في النمو، فظهر في بلادنا عدد من الادباء والشعراء، وقد تبين ذلك في الصحف التي صدرت بعد ذلك، وكان الكتاب الكويتيون يغذونها شعرا ونثرا، ومجلة البعثة التي صدرت في سنة 1946 وكان بيت الكويت في القاهرة يصدرها هناك، من اهم ما احتضن هؤلاء الراغبين في الكتابة، والتعبير عن الافكار التي آمنوا بها، ومن يطلع على مجلداتها التسعة، يجد ابناء الكويت من الطلاب المبعوثين ومن غيرهم، وهم يزاولون الكتابة فيها بما يشمل التوعية والتوجيه وما تعبر عنه المقالات المنشورة. ويكفي ان رئيس تحريرها كان هو الاستاذ عبدالعزيز حسين، ثم تولى رئاسة التحرير الاستاذ عبدالله زكريا الانصاري بعد ان جرى تعيين الاستاذ عبدالعزيز حسين مديرا للمعارف.

ثالثا: المكتبة الأهلية العامة

وجد المقبلون على الاستزادة من المعرفة ان البلاد آنذاك - كانت في حاجة ماسة الى موارد يصلون بورودها الى ما يريدون، وكان همهم البحث عن كل ما يفيدهم في هذا المجال، ويزيدهم اطلاعا على كل ما هو جديد في دنيا المعرفة والثقافة العامة. كل هذا الاهتمام بالاطلاع والقراءة، اضافة الى الرغبة في اتاحة الفرص للآخرين من اجل الحصول على ما يمكنهم الاطلاع عليه من كتب وصحف دفع ببعض الفضلاء الى التفكير في انشاء مكتبة اهلية عامة، يستطيع كل واحد ان يصل اليها لكي يجد ضالته مما يريد الاطلاع عليه من كتب وصحف.

ومن اجل ذلك فقد تأسست المكتبة المرجوة في سنة 1922م وهي سنة بعيدة نسبيا، وذلك بهمة عدد من رواد المعرفة - في الكويت، وكان اول من دعا الى انشائها الشيخ يوسف ابن عيسى القناعي، وهو - ايضا - ممن ساعد على ظهورها الى حيز التنفيذ ونقلها من فكرة الى عمل جلي. وفور العلم بها تكاتف عدد من الفضلاء على دعمها، وامدادها بالكتب والصحف، ثم تبرعوا لها، بالأموال من اجل استدامة عملها، وقد جاء في كتاب تاريخ الكويت عن هذه المكتبة كما يلي: «وفي سنة 1341هـ 1922م فتحت المكتبة الأهلية ابوابها للقراء، وأصبحت موردا عذبا زلالا، ومنهلا صافيا للمطالعين وفيها عدا الكتب عدة جرائد ومجلات راقية تفضل بها رجال من اهل الشرف والغيرة. وقد اسندت امانة هذه المكتبة الى الشيخ محمد محمد صالح التركيت، وهو رجل محب للعلم، حريص على ايصاله الى طالبيه، وعندما بدأ بالعمل فإنه كان ينظر الى ما يقوم به على انه رسالة يقوم بأدائها، ولا يبتغي من ورئها الا الذكر الحسن والأجر والثواب من الله عزّ وجلّ قبل كل شيء. ومما يذكر هنا ان دائرة معارف الكويت قد ضمت إليها هذه المكتبة وأعدت لها فروعا كثيرة اضافة الى المكتبة الرئيسية، وأنشأت بعد ذلك إدارة خاصة بالمكتبات صار اول مدير لها هو الشيخ محمد محمد صالح.

رابعاً: الرابطة الأدبية

في الفترة ما بين العشرين من شهر ديسمبر لسنة 1958 واليوم الثامن والعشرين منه جرى انعقاد مؤتمر الأدباء الرابع في الكويت، وكان له وقع كبير هنا لأن البلاد تستقبل به أول مؤتمر من نوعه يضم الدول العربية جميعها ولذلك فقد كانت العناية بالوفود المشاركة عناية فائقة وصفها لي بكل اعجاب وتقدير الدكتور ناصر الدين الاسد وزير التعليم العالي الاسبق في المملكة الاردنية الهاشمية، وكان وقتها مديرا للثقافة في جامعة الدول العربية، وهو من رواد مجالس الاستاذ محمود محمد شاكر. كان انعقاد المؤتمر بإشراف دائرة معارف الكويت، وبجهود عدد من العاملين بها، وقد تصدر هذه الجهود ما قام به الشيخ عبدالله الجابر الصباح رئيس المعارف في ذلك الوقت، وهذا ما ادى الى نجاح العمل بصفة عامة، فقد نجح دور انعقاد مؤتمر الأدباء العرب هذا، بفضل الاستعدادات الكبيرة التي تم بذلها حتى اعتبر هذا الدور من افضل ما تم من نوعه. شاركت في المؤتمر كافة الدول العربية الاعضاء في جامعة الدول العربية وبعض الدول من غير الاعضاء، وكذلك المؤسسات ذات العلاقة بفعاليات المؤتمر، وهيأت دائرة معارف الكويت لضيوفها كل وسائل الراحة، اضافة الى تجهيز اماكن اللقاءات التي يدور فيها ما يتعلق بالمؤتمر الذي كان موضوعه: البطولة في الأدب العربي، وبذلك فقد أدى المؤتمرون مهامهم على خير وجه، ونجح هذا اللقاء العربي نجاحا باهرا. وإكمالا لما بدأته، قامت هذه الدائرة بجمع كل ما دار في المؤتمر من محاضرات وتعليقات وما انتهى اليه من توصيات، ثم عنيت بنشره في كتاب توثيقي مهم، منه نعرف كل ما جرى في ذلك التاريخ اضافة الى ما نستقيه من معلومات ادلى بها اولئك الادباء في محاضراتهم. ولقد جرى الى جانب المؤتمر نشاط من نوع خاص دعت اليه الحركة الثقافية التي صاحبت قيامه، فقد وجد بعض ابناء الكويت ان عددا من الروابط والجمعيات الادبية في الدول المشاركة، سوف تحضر هذا المؤتمر، لذا فإن من المستحسن ان تجلس الى جانب هذه الروابط والجمعيات مجموعة مماثلة من ابناء الوطن الذي يحتضن المؤتمر. ومن اجل ذلك تداعى هؤلاء الى قيام تنظيم يشمل محبي الآداب في الكويت فهداهم تفكيرهم الى انشاء رابطة اطلقوا عليها اسم الرابطة الادبية. وقد اعلنت هذه الرابطة مع بدء نشاط مؤتمر الادباء العرب، ورحب بها كثيرا حتى لقد نشرت الجريدة اليومية التي تصدرها السكرتارية بيانا عنها مع صورة تمثل مجلس ادارتها، وأسماء بعض اعضائها، وقد كان فيهم: الاستاذ عبدالعزيز حسين، والسيد عبدالحميد الصانع، والاستاذ عبدالرزاق البصير، والاستاذ فاضل خلف. ولم تستمر هذه الرابطة طويلا، ولكنها لاتزال مذكورة الى يومنا هذا، ولكن توقف هذه الرابطة لم يكن سببا في توقف ادباء الكويت عن توجهاتهم الادبية، ولا عن انتاجهم من المقالات والكتب والاشعار فقد استمر هؤلاء مع ازدياد نشاطهم وتكاثر عددهم حتى صارت لهم مشاركات مهمة في كل منتدى ادبي يجري في خارج الكويت، وعلى الاخص ما يتم من ذلك في الدول العربية، ونشأ بعد ذلك المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب فأضاف إلى جهود اولئك الأدباء جهودا منظمة ترعاها الدولة، ونظم زيارات خارجية تضم بعض ادبائنا للتعريف بهذا النشاط الرائد. هذا ما ينبغي ان يقال حول النشاط الثقافي الكويتي منذ ان بدأ في الظهور، وما تقدم إنما هو دليل على الرغبة الشديدة لدى ابناء الكويت بالمحافظة على ثقافة امتهم وآدابها.

وننتقل من هنا الى الفقرة الأخيرة.

حول اللهجة الكويتية

لانزال بعد تقديم سبعة وعشرين فصلا من فصول اوراق كويتية نقدم ما يتعلق باللهجة الكويتية، ومع ذلك فإن النية متوافرة على الاستمرار في ذلك لأننا نعتقد ان اللهجة هي التي تميز شخصية البلاد، وتحدد اهلها لأن كل كويتي يتحدث بها وهذه هي طبيعة الحال وفي هذا الفصل نقدم ما يلي:

- أغنتنا المسرحية الكويتية التي قام ببطولتها كل من الفنانة مريم الغضبان والفنان محمد المنصور وعدد آخرين من الممثلين واخرجها الفنان المرحوم منصور المنصور في سنة 1981م اغنتنا هذه المسرحية التي كان عنوانها: عزّل السوق، عن بيان لفظ عزّل لأنها عادت به الى الاذهان بعد يغاب، ولكننا هنا نتحدث عن عكس هذا اللفظ من الناحية العملية وهذا العكس هو لفظ: بَسَّط. ويعني بدأ في العمل وافتتحت الدكاكين العاملة في البلاد وبدأت في استقبال عملائها.

ومن هنا يأتي لفظ بسطة، وهي موضع عرض بعض المبيعات لمن ليس له دكان يبيع بضاعته فيه. فيعرض ما لديه امام المارة واضعا ذلك على الارض فوق قطعة من القماش بفرشها تحتها او بعضها فوق تخت (طاولة) يكون بحسب الارتفاع الذي يريده البائع. وهناك انواع من البسطات، وتعدد في المبيعات ففي البداية تجد الخضار والفواكه وعلى الجوانب تصطف البسطات ذات الاغراض الاخرى، واهم تلك الاغراض: الكماليات، والآن هل تذكرون البسطات التي لجأ اليها الناس في ايام الغزو العراقي الذميم على الكويت الغالية العزيزة؟

وهذه مجموعة من الألفاظ نضيفها الى ما سبق وهي كالتالي:

- عدا: ومنها التعدّي وهو تجاوز الشيء او الشخص الى غيره، وفي اللهجة يقولون: تعدى علينا فلان بمعنى مرَّ بنا، وتجاوزنا، وفي هذا يقول الشطر الشعبي:

شيٍّ عجيب يا ولد منصور

ذاك الغزال اللي تَعدَّاني

بمعنى: مر عليَّ.

- عرا: ومنه العروة التي يمسك بها حامل الدلو او الاستكانة، او ما شابه ذلك، واللفظ فصيح.

- عشا: العشا هو سوء البصر في الليل والنهار، واختص عندنا بعدم الرؤية ليلا. وهذا الذي لا يبصر ليلا ليس اعمى، ولكن رؤيته الليلية معدومة. واللفظ فصيح.

- عيا: ومن هذا يأتي لفظ المعاياة، ويقصد بها ان يأتي المرء بكلام لا طائل من ورائه. هذا في الفصحى، واللفظ في اللهجة كذلك نطقا ومعنى، وأكثر ما يقال ان الشخص المجادل بالباطل: إيعايي.

- غبا: ومنه لفظ غبي الفصيح قالوا: «عبي الشيء وغبي عنه لم يفطن له: غير بيّن. ومنه ايضا: خفي الشيء عني فلم اعرفه واللفظ دارج في اللهجة الكويتية فإذا حدث شخص آخر عن امر من الامور لا يعرفه المستمع رد قائلا: هذا إيغباني. كما يقال فلان غبَّى شيئا، بمعنى أخفى.

- غفا: ومنه اللفظ الفصيح الذي يدل عليه قولهم: غفا الرجل غفوة اذا نام نومة خفيفة. وفي اللهجة يرد المرء عندما يسأله آخر: أين كنت، فيقول كنت غافي (غافيا) وأخذتني بعد الظهر غفوة وهذا مشاية للفصيح لفظا ومعنى.

- كرَرَ ومن هذا لفظ الكِرا بمعنى الإيجار والاستئجار ومكافأة الناقل بسيارته حين يعطيه الراكب معه مبلغا من المال هو كروة النقل. ومنه - ايضا - ايجار البيت فإنه يسمى كروة واللفظ فصيح كما في اللهجة، ولكنه غير دارج حاليا.

- قضا: فيه لفظ يدل على الانقضاء وهو الانتهاء، يقول في ذلك صاحب كتاب لسان العرب «..القضاء في اللغة على وجوه، مرجعها الى انقطاع الشيء وتمامه، وكل شيء أحكم عمله، او اتم او أدي فقد قضى».

- ونحن نقول في لهجتنا: قضى الصيف، وقضت العطلة بمعنى انتهائهما، ويقال ايضا: قضّينا وقتا جميلا بتشديد الضاد، وهذا هو تمام هذه الحلقة.

Advertisements
Advertisements