السبت 16 نوفمبر 2024 08:42 مساءً - متابعة: نازك عيسى
حذرت دراستان جديدتان من المخاطر الصحية المرتبطة باستخدام ألواح التقطيع البلاستيكية، حيث كشفتا أن هذه الألواح قد تطلق جزيئات متناهية الصغر في الطعام، ما يؤدي إلى دخولها إلى جسم الإنسان وتراكمها في الدماغ، مما قد يعزز خطر الإصابة بأمراض خطيرة مثل الخرف.
وكانت الدراسات السابقة قد ربطت الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في الهواء بعدد من الأمراض، مثل أمراض الرئة وفشل الكبد وتلف الخصوبة لدى الرجال. وأظهرت مراجعة أجراها صندوق الحياة البرية العالمي أن الإنسان يبتلع حوالي 5 غرامات من جزيئات البلاستيك أسبوعياً، وهو ما يعادل وزن بطاقة ائتمان، أي ما يعادل 260 غراماً سنوياً، ما يثير القلق من أن العديد من هذه الجزيئات قد تكون سامة للغاية.
دراستان حديثتان كشفتا عن مخاطر صحية إضافية مرتبطة بجزيئات البلاستيك المنبعثة من ألواح التقطيع، حيث قد تصل هذه الجسيمات إلى الدماغ وتؤثر على وظائفه، مما يزيد من احتمال الإصابة بالخرف ومرض باركنسون، كما قد تتسبب في مشاكل صحية أخرى لدى الأطفال. تتسلل هذه الجزيئات الصغيرة، والتي تصنف كـ “ميكرو بلاستيك” و”نانو بلاستيك”، إلى الدماغ بطرق غير مرئية.
وكان الاعتقاد السائد بين العلماء أن حاجز الدم في الدماغ يحمي الأدمغة من المواد السامة والالتهابات. ولكن الدراستين الجديدتين أظهرتا أن الجسيمات البلاستيكية صغيرة بما يكفي لتخترق هذا الحاجز والوصول إلى الدماغ.
فحصت الدراسة الأولى أدمغة 15 شخصاً توفوا لأسباب مختلفة، ووجدت جزيئات بلاستيكية دقيقة في 8 منهم، خاصة في منطقة البصيلات الشمية. أشار لويس فرناندو أماتو لورنسو، المهندس البيئي في جامعة برلين الذي قاد الدراسة، إلى أن الجسيمات البلاستيكية التي يتم استنشاقها قد تتجاوز حاجز الدم في الدماغ عبر تدفق مخاط الأنف، مما يسمح لها بالانتقال إلى السوائل المحيطة بالبصيلات الشمية عبر “ثقوب” صغيرة في الأنف.
أما الدراسة الثانية، التي قادها الدكتور ماثيو كامبين، أستاذ علم الأدوية في جامعة نيو مكسيكو، فخلصت إلى نفس النتيجة، إذ أظهرت أن شظايا البلاستيك المنبعثة من ألواح التقطيع تنتقل من السكين إلى الطعام. وقد اعتمدت الدراسة على فحص عينات من الدماغ والكبد والكلى لـ 51 شخصاً بعد الوفاة، ووجدت زيادة ملحوظة في كمية الجسيمات البلاستيكية في الدماغ مقارنة بالكبد والكلى، بزيادة تصل إلى 30 مرة فوق المعدل الطبيعي.
أظهرت الدراسات أن كمية البلاستيك في عينات الدماغ قد ارتفعت بنسبة 50% بين عامي 2016 و2024، ما يعكس الزيادة الكبيرة في التلوث البلاستيكي البيئي. وقد حذر البروفيسور ريتشارد طومسون، خبير التلوث البلاستيكي في جامعة بليموث، من أن التلوث بالبلاستيكيات الدقيقة سيتضاعف بحلول عام 2040، مما سيؤدي إلى تهديد حياة مئات الأشخاص.
وأشار طومسون إلى أن بعض أنواع البلاستيك مثل “بولي بروبيلين” و”بولي إيثيلين” تطلق ملوثات بنسبة تصل إلى 10% أكثر من غيرها، خاصة عند استخدام ألواح التقطيع البلاستيكية لتقطيع الخضروات. وقدّر فريقه البحثي أن الشخص العادي قد يتعرض سنوياً إلى ملايين الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من هذه المواد.
سبق أن أصدرت دراسات تحذيرات مشابهة والتي أظهرت تلوث عينات من الدجاج والسمك في محلات السوبر ماركت بجزيئات بلاستيكية ناتجة عن استخدام ألواح التقطيع البلاستيكية. كما أصدرت دراسة أخرى تقريراً يركز على الأساليب الواجب اتباعها لتجنب تلوث الطعام بالجزيئات البلاستيكية خلال عملية التقطيع.
تسلط هذه الدراسات الضوء على التهديد المتزايد للتلوث البلاستيكي الذي يمكن أن يؤثر على الصحة البشرية، مما يستدعي ضرورة التفكير في بدائل أكثر أماناً لأدوات الطهي اليومية مثل ألواح التقطيع البلاستيكية.