الجمعة 14 أبريل 2023 12:06 مساءً - متابعة – نغم حسن
أكد معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28، ضرورة تطوير أداء مؤسسات التمويل الدولية وبناء شراكات راسخة مع كبار المعنيين في القطاع الخاص لتوفير تريليونات الدولارات اللازمة من أجل تمكين العمل المناخي.
وبحسب “وام”، جاء ذلك خلال مشاركة معاليه في حلقة نقاشية نظمتها مؤسسة “روكفلر” لبحث التمويل المناخي والانتقال المنطقي والعملي والتدريجي في قطاع الطاقة، وذلك ضمن فعاليات اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن.
وشارك في الحلقة النقاشية كلٌ من معالي ميا موتلي، رئيسة وزراء بربادوس، وأمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ومعالي برونو لومير، وزير الاقتصاد والمالية والإنعاش الفرنسي، وجون كيري، المبعوث الأمريكي الخاص للمناخ، حيث أدار النقاش أندرو سولينغر، الناشر والرئيس التنفيذي لمجلة فورين بوليسي.
ورداً على سؤال بشأن تطوير أداء مؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف، أكد معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر على ضرورة زيادة التمويل المناخي، وإتاحته بشروط ميسرة وبتكلفة مناسبة وتسهيل الوصول إليه من أجل تسريع العمل المناخي وتحقيق انتقال منطقي وعملي وتدريجي وعادل في قطاع الطاقة.
وقال معاليه: “أجمع العالم في اتفاق باريس على هدف تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، إلا أن الإجراءات الفعلية لا تزال بعيدة عن ما تم الالتزام به، وأمامنا فرصة زمنية محدودة لا تتجاوز سبعة أعوام لإجراء تصحيح جوهري لمسار العمل المناخي الحالي، حيث يعد رأس المال والتمويل من الممكّنات الرئيسية لنجاح هذا التصحيح، خاصةً وأن التمويل لا يصل حالياً بالشكل الكافي لمن هم بأمسّ الحاجة إليه”.
وأشار معاليه إلى أن التمويل المناخي يعد ضرورياً لجميع مسارات عمل اتفاق باريس، بدءاً من “التخفيف” ووصولاً إلى “التكيف”، وأن هذا التمويل مطلوب بشكل خاص في دول الجنوب العالمي الذي لم يحصل في السابق على حصة كافية من الموارد المتاحة.
وأوضح أن العالم بحاجة إلى مضاعفة المبالغ المتاحة ثلاث مرات واستثمارها في تمويل التكنولوجيا النظيفة والتكيّف ودعم الانتقال المنطقي والعملي والتدريجي والعادل في قطاع الطاقة، خاصةً في الدول الناشئة والنامية، حيث أن 20% فقط من استثمارات التكنولوجيا النظيفة تصلُ إلى الاقتصادات النامية التي تشكل أكثر من 70% من سكان العالم، ويزداد هذا التفاوت في الدول الأقل نمواً، التي تحصل على أقل من 2 سنت من كل دولار من تلك الاستثمارات.
ويُجري الرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف COP28 وفريق رئاسة المؤتمر جولة استماعٍ عالمية بهدف التعرف على الرؤى والآراء والأفكار وتوظيفها لصياغة مسار عمل يحتوي الجميع ويلبي كافة احتياجاتهم.
وأوضح معاليه أن موضوع التمويل المناخي كان أحد المحاور المهمة خلال اجتماعات جولة الاستماع، وقال: “كان هناك إجماع من كافة المعنيين الذين التقينا بهم على أن التمويل المناخي ليس متوفراً بشكل مُيسَّر، ولا بتكلفة مناسبة، ولا يمكن الوصول إليه بسهولة، لذلك، هناك حاجة مُلحّة إلى زيادة مبالغ التمويل المتاحة من مليارات لتصل إلى تريليونات الدولارات، فعندما يتعلق الأمر بالقدرة على تحمل التكاليف، نحتاج إلى تعزيز تمويل المناخ من دون تحميل الدول النامية مزيداً من الديون. ولتسهيل الوصول إلى التمويل، يجب إزالة العقبات البيروقراطية التي تجعل البلدان تنتظر وقتاً طويلاً للحصول على الأموال التي هي في أشد الحاجة إليها”.
وأضاف معاليه: “نحن بحاجة إلى تطوير أداء مؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف لتنفيذ أهداف العمل المناخي وتحقيق التنمية المستدامة، كما أننا بحاجة كذلك إلى توفير المزيد من التمويل المُيّسر الذي يمكنه تقليل المخاطر في البلدان ذات الدخل المنخفض، وجذب المزيد من رأس المال من القطاع الخاص، إضافةً إلى اكتشاف أدوات جديدة لتوجيه التمويل الخاص إلى الدول النامية بمزيد من الفاعلية والكفاءة”.
وأكد معاليه أن مؤتمر الأطراف COP28 ملتزم بالبناء على التقدم المحرز في دورتيه السابقتين COP26 وCOP27، وسيتم خلاله تطبيق ذهنية عالم الأعمال والتركيز على الجانب العملي في منظومة عمل المؤتمر لتحقيق نقلة نوعية وتقدم جذري عبر موضوعات “التخفيف” و”التكيف” و”الخسائر والأضرار” إلى جانب التمويل المتعلق بالمناخ.
وقال: “إن العالم بحاجة إلى خفض الانبعاثات بنسبة 43% بحلول عام 2030، ولتحقيق ذلك، يجب أن يقوم قطاع الطاقة بدور محوري يتمثل في زيادة القدرة الإنتاجية لجميع مصادر الطاقة الخالية من الكربون، مع خفض الانبعاثات من مصادر الطاقة الحالية.
وجدد معاليه دعوته التي أطلقها في “أسبوع سيرا للطاقة” في هيوستن، مشدداً على أن قطاعَي النفط والغاز والصناعة شريكان رئيسان في خفض الانبعاثات ودعم العمل المناخي، وقال: “لقد وجهتُ دعوةً محددةً لقطاع النفط والغاز لمضاعفة الجهود والتوافق حول تحقيق الحياد المناخي بحلول أو قبل عام 2050، والحد من انبعاثات الميثان بحلول عام 2030، خاصةً وأنها تعد أكثر ضرراً من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فقطاع الطاقة بحاجة إلى العمل بالشراكة مع القطاعات الأخرى للمساعدة في خفض الانبعاثات، كما نحتاج إلى تطبيق حلول متنوعة وأن نكون واقعيين وعمليين بشأن ما يمكن تطبيقه من تلك الحلول وأين يمكن تطبيقها، فلكل بلد ظروفه واحتياجاته الخاصة”.
وأضاف: “نعلم جميعاً أن مصادر الطاقة المتجددة ملائمة لخفض الانبعاثات التي يتسبب بها توليد الكهرباء، لذلك نحن بحاجة إلى مضاعفة القدرة الإنتاجية من الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030 وزيادة سعتها الإنتاجية ستة أضعاف بحلول عام 2040 إلى 50,000 تيراواط/ساعة، ومع ذلك فإن مصادر الطاقة المتجددة ليست حلاً كافياً في القطاعات ذات الانبعاثات الكثيفة، لأن هناك 5000 مصنع فولاذ وألمنيوم وإسمنت في العالم اليوم، ولا يمكن أن تكون صناعتها قائمة على مصادر الطاقة التي توفرها الرياح أو الشمس فقط، فإلى جانب قطاع النقل الثقيل، تتسبب هذه القطاعات مجتمعةً بأكثر من 30% من الانبعاثات العالمية”.
وشدد معاليه على ضرورة توسيع استخدام جميع البدائل القابلة للتطبيق بما في ذلك الطاقة النووية السلمية، وتطوير مشروعات وتقنيات الهيدروجين والتقاط الكربون وتخزينه للمساهمة في خفض الانبعاثات من تلك القطاعات.
وأضاف: “تنفيذاً لتوجيهات القيادة، قامت دولة الإمارات بتأسيس شراكة مع كل من ألمانيا وكوريا الجنوبية واليابان لبناء قدرات شاملة في مجال إنتاج واستخدام الهيدروجين كوقود، ونسعى أن يكون مؤتمر الأطراف COP28 منصةً لبناء شراكات تشمل إنتاج الهيدروجين وتسويقه ونقله واستخدامه في المجالات الصناعية في مختلف مناطق العالم”.
وقال معاليه: “بالتزامن مع الاستثمار في الهيدروجين، نحن بحاجة أيضاً إلى التوسع في تطوير وتطبيق تقنيات التقاط الكربون وتخزينه، حيث أشارت التقارير التي أصدرتها “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ” منذ عام 2016 لغاية الآن إلى أن التقاط الكربون يعدّ أداة أساسية لخفض ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. ومع ذلك، يتم سنوياً التقاط 44 مليون طن فقط من الكربون، لذلك نحن بحاجة إلى مضاعفة هذه الكمية 30 مرة، ولأن تحقيق ذلك ليس في متناول الجميع حالياً، على العالم وضع سياسات واتخاذ قرارات حكومية ذكية تستشرف المستقبل لتحفيز استثمار القطاع الخاص في هذه التقنيات على نطاق صناعي واسع”.
وأضاف: “هناك إجماع على أن تحقيق التقدم في العمل المناخي يتطلب رأس مال ضخماً، لذلك، نحن بحاجة إلى تأمين المزيد منه، ففي العام الماضي تم استثمار 1.4 تريليون دولار في التكنولوجيا النظيفة على مستوى العالم، وهذا الرقم ينبغي مضاعفته ثلاث مرات”.
جدير بالذكر أن زيارة معالي الدكتور سلطان الجابر إلى واشنطن تأتي ضمن جولة الاستماع والتواصل العالمية وتهدف إلى الحوار مع مؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف، ومناقشة سبل تطوير أدائها لدعم العمل المناخي، والتأكيد على ضرورة تقديم دعم أكبر لتمويل معالجة الخسائر والأضرار الناجمة عن تداعيات تغير المناخ.
ومن المخطط أن يشارك معاليه في يونيو المقبل في قمة الميثاق المالي العالمي الجديد التي تُعقد في فرنسا ويستضيفها فخامة إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، حيث ستناقش الدول المشاركة في القمة أهمية تطوير أداء مؤسسات التمويل الدولية لدعم تمويل المجتمعات الأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ.
تابعنا