الأحد 14 مايو 2023 10:44 صباحاً - متابعة: نازك عيسى
تسعى دولة الإمارات لتطوير قطاع التعدين، خلال السنوات القليلة المقبلة، بهدف تعزيز الاستفادة من الثروات المعدنية، وعبر إطلاق استراتيجية متكاملة، الأمر الذي يفتح مجالات استثمارية وفرص عمل جديدة في هذا القطاع الحيوي، فيما تشير بعض التقارير إلى وصول حجم القطاع في الدولة إلى نحو 36.7 مليار درهم العام 2025.
وتستعد الإمارات لتعزيز دور الاستثمارات التعدينية، بما يصب في صالح تطوير الصناعة وإنتاج المعادن، وتعزيز القدرات المحلية في التنقيب والإنتاج، وعبر فتح المجالات أمام استقطاب استثمارات دولية.
ويعد قطاع المعادن من القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية، التي تقوم عليها صناعات حيوية أبرزها: صناعات الألمنيوم والحديد والنحاس والنيكل والليثيوم، بالإضافة إلى المعادن الثمينة مثل: الذهب والفضة والماس، فيما يعتمد القطاع على الاستثمار كثيف المال والعمالة الماهرة واستخدام أحدث التقنيات.
ووفقاً لـ«البوابة الرسمية لحكومة دولة الإمارات» توفر الدولة بيئة أعمال مثالية للمستثمرين لما توفره من بنية تحتية صناعية ولوجستية قوية مدعومة بالخبرات المهنية والخدمات، التي تعطي الدولة ميزة تنافسية على دول أخرى، وتعمل الدولة على تعزيز هذه المكانة.
وتعمل وزارة الطاقة والبنية التحتية في دولة الإمارات على وضع أول استراتيجية للثروة المعدنية في الدولة، تحدد مستهدفات القطاع للسنوات المقبلة، بالتنسيق مع الشركاء من الحكومات المحلية والاتحادية، بالإضافة إلى القطاع الخاص.
وتمتلك الإمارات ثروة من العديد من المعادن منها: الألومنيوم والأمونيا والكروميت والجبس والإسمنت الهيدروليكي والجير الحي والجير المائي ودولوميت محترق والفولاذ الخام.
ويشهد العالم منافسة قوية بين الدول لتعزيز مصادرها المعدنية، لا سيما التي تسهم في تطور العديد من الصناعات، ولاسيما الصناعات التقنية مثل صناعة الرقائق، التي تدخل في صناعة الأجهزة الإلكترونية والبطاريات للسيارات الكهربائية وتخزين الطاقة، بالإضافة إلى صناعات الحديد والألمنيوم وغيرها.
وأظهر بحث حديث أجراه «مركز انترريجونال للتحليلات الاستراتيجية» في أبوظبي أن الأزمة الروسية- الأوكرانية أبرزت وبشكل أو بآخر ضعف سوق الموارد العالمية، الذي يمتد إلى ما وراء الوقود الأحفوري إلى معادن الطاقة النظيفة؛ وذلك من واقع كون روسيا- التي فرضت عليها العقوبات الغربية نتيجة تدخلها العسكري في أوكرانيا- هي ثالث أكبر منتج للنيكل في العالم، وثاني أكبر منتج للكوبالت، وكلاهما مكون رئيسي في بطاريات أيونات الليثيوم، ومن ثم فإن العقوبات ضد روسيا كان من شأنها أن تؤثر سلباً على إمدادات الدول الغربية من المعادن الحرجة من روسيا.
وذكر مركز «انترريجونال» أن المعادن الحرجة تعرف بأنها العناصر الأرضية النادرة، والضرورية للمغناطيس الدائم، الذي يستخدم في توربينات الرياح ومحركات السيارات الكهربائية، وتشتمل التطبيقات البالغة الأهمية للمعادن الحرجة على مكونات رئيسية، على غرار الليثيوم والنيكل والكوبالت والمنجنيز والجرافيت، وهي عناصر مهمة في عمل البطاريات، ولعل الظروف الجيوسياسية والاقتصادية والبيئية الراهنة قد عززت أهمية المعادن الحرجة لدى العديد من الدول.
وأكد مركز انترريجونال أنه ورغم هيمنة الصين على سوق المعادن حالياً فإن الأرقام تشير إلى تراجع الإنتاج الصيني من المعادن الحرجة من 90% في فترة من الفترات إلى 60% في الوقت الراهن، ما أعطى للعديد من الدول فُسحة ومجالاً لزيادة حصتها من المعادن الحرجة؛ حيث يصطف لاعبون دوليون لملء الفراغ، الذي تركه المستثمرون الصينيون؛ وذلك لأهداف عدة؛ أولها زحزحة الصين عن مرتبتها الأولى بصفتها مُصدراً ومنتجاً للمعادن الحرجة عالمياً، وثانيها دعم استقلال الطاقة تجنباً للانعكاسات السلبية للتوترات الجيوسياسية على أمن الطاقة، وأخيراً دعم الأهداف الطموحة نحو خفض استخدام الوقود الأحفوري، وتسريع انتقال الطاقة، وأن تصبح المعادن الحرجة بديلاً قوياً للوقود الأحفوري مستقبلاً.
وأشار مركز انترريجونال إلى أن الدوافع المحفزة للدول، وخصوصاً الدول الغربية نحو امتلاك المعادن الحرجة وزيادة حصتها تتركز في: تعدد استخدامات هذه المعادن في صناعات الفضاء وبطاريات أيونات الليثيوم المفضلة لبطاريات السيارات الكهربائية، والتي تدعم تحقيق أمن الطاقة ومتطلبات الاقتصاد الأخضر.
وأضاف البحث: إن التحركات العالمية المتسارعة في زيادة حصة المعادن الحرجة تبرز في عدد من الأمثلة، أبرزها: برنامج استكشاف طرق معالجة المعادن في أستراليا والتعاون الأمريكي- الكندي وإطلاق فرنسا مرصداً مختصاً بالموارد المعدنية، فضلاً عن الاهتمام البريطاني ومساعي الصين لاستغلال الليثيوم والتركيز الياباني على إمدادات فيتنام من هذه المعادن.
ويشير بحث آخر لـ«انترريجونال» إلى أن أنظار المستثمرين والدول الكبرى تتجه بشكل رئيس نحو إنتاج الليثيوم، الذي يُلقَّب بالذهب الأبيض، والذي يعد من أكثر المعادن طلباً؛ كونه يدخل في كثير من الصناعات المدنية والعسكرية، سواء في صورة كربونات أو هيدروكسيد الليثيوم، ويدخل 3 أرباع الليثيوم المستخرج في العالم في صناعة بطاريات الليثيوم- أيون القابلة للشحن.
وتشير القرارات الحكومية والدراسات إلى توجه دولة الإمارات إلى تأمين احتياجاتها من المعادن بشكل عام، ومن المعادن الاستراتيجية أو الحرجة بشكل خاص، وتعزيز عمليات الاستخراج والبحث، كما تستهدف الإمارات جذب المستثمرين المحتملين من جميع أنحاء العالم، عبر وضع الأطر القانونية والتنظيمية المتعلقة بقطاع التعدين، للدخول به على مرحلة التطوير.
تابعنا