الأحد 9 يوليو 2023 04:44 مساءً - متابعة – نغم حسن
نجحت دولة الإمارات في تطوير وتنفيذ منظومة متكاملة في مجال معالجة وتدوير النفايات، وفقاً لأرقى المعايير المعتمدة عالمياً، وذلك في إطار جهودها الحثيثة لتحقيق أهداف الأجندة الوطنية الساعية إلى الوصول إلى بيئة مستدامة، وبما يدعم أهداف المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050.
وبحسب “وام”، تبذل دولة الإمارات جهوداً كبيرة لتقليل معدل توليد النفايات، وقطعت الدولة أشواطاً متقدمة في مجال تحويل النفايات من عبء بيئي إلى موارد اقتصادية من خلال إعادة تدويرها وتحويلها إلى طاقة ومنتجات يتم استخدامها في العديد من الأنشطة الصناعية، والزراعية، وأعمال البناء وغيرها.
وبلغ عدد المناجم (مراكز فرز وتجميع النفايات) في دولة الإمارات في نهاية العام الماضي نحو 44 مركزاً موزعة على مختلف مناطق الدولة، وذلك وفقاً لبيانات وزارة التغير المناخي والبيئة، في حين نجحت الدولة في معالجة وإعادة تدوير نحو 55 مليوناً و345 ألف طن من نفايات الهدم والبناء في العام 2021، بنسبة تفوق 82 بالمئة من إجمالي هذا النوع من النفايات، إلى جانب إنتاج نحو 120 ألف طن من السماد في العام نفسه عبر عمليات معالجة النفايات الزراعية، إضافة إلى تحويل نحو 92 طناً من النفايات البلدية الصلبة إلى طاقة، ومعالجة نحو مليون و778 ألف طن من النفايات الصناعية العامة (غير الخطرة).
وبحسب الأمم المتحدة، تولّد البشرية أكثر من ملياري طن من النفايات الصلبة المحلية سنوياً، 45 بالمئة منها لا يُدار بشكل جيد، ومن المتوقع أن يزيد هذا الرقم إلى ما يقرب من 4 مليارات طن بحلول عام 2050، ما يسهم إسهاماً كبيراً في تغير المناخ والتأثير على التنوع البيولوجي وزيادة التلوث.
ويعد هذا الملف واحداً من أهم وأبرز الملفات التي سيتم مناقشتها خلال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28” الذي يعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، حيث سيناقش المشاركون في المؤتمر آليات تعزيز العمل الدولي المشترك للتوصل إلى حلول مجدية تحد من الضرر الناجم عن عدم معالجة النفايات بشكل فوري على صحة الإنسان والاقتصاد والبيئة، واستعراض التجارب الناجحة في الحفاظ على البيئة وتبني التحول إلى اقتصاد دائري، يساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما يستعرض محور “الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي” ضمن حملة “استدامة وطنية” التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر “COP28″، جهود دولة الإمارات في مواجهة التغير المناخي من أجل تحقيق أهداف الحياد المناخي، إضافة إلى تسليط الضوء على المبادرات وقصص النجاح الوطنية في مجال الاستدامة.
– الإدارة المتكاملة للنفايات..
وأطلقت دولة الإمارات مجموعة من المبادرات والإجراءات المبتكرة التي عززت من خلالها الاهتمام بتدوير النفايات بكافة أنواعها، منها مبادرة الإدارة المتكاملة للنفايات التي تتماشى مع الهدف الحادي عشر من أهداف التنمية المستدامة لجعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة، والهدف الثاني عشر الخاص بضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة.
وفي إطار هذه المبادرة أصدرت دولة الإمارات القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2018 في شأن الإدارة المتكاملة للنفايات وهو أول تشريع من نوعه على المستوى الاتحادي، يشجع على إنشاء مصانع إعادة التدوير واسترداد الحد الأقصى من النفايات القابلة للتدوير.
ويهدف القانون إلى تنظيم عملية إدارة النفايات وتوحيد آليات وطرق التخلص السليم منها، بالاستناد إلى أفضل الممارسات والتقنيات المتاحة، بغرض حماية البيئة وتقليل الضرر على صحة الإنسان.
وفي عام 2021 صدر قرار مجلس الوزراء بشأن اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2018 في شأن الإدارة المتكاملة للنفايات، والتي تشمل تحديد مسؤوليات وأدوار السلطات المختصة بإدارة النفايات، ومسؤولية منتج النفايات والمورّد، والاشتراطات الفنية والتنظيمية للمكبات.
– قاعدة البيانات الإلكترونية الوطنية للنفايات..
أطلقت دولة الإمارات في عام 2018 قاعدة البيانات الإلكترونية الوطنية للنفايات، والتي تعمل على جمع المعلومات المتوفرة كافة لدى وزارة التغير المناخي والبيئة والجهات المختصة عن النفايات المتولدة بجميع أنواعها وتصنيفاتها في كافة إمارات الدولة، للعمل على إدارتها بشكل علمي عبر تحليل هذه البيانات.
وفي إطار جهود وزارة التغير المناخي والبيئة لتحقيق الاستدامة للقطاع البيئي، أصدرت الوزارة في عام 2019 قرار استخدام الوقود البديل الناتج من عمليات معالجة النفايات “RDF” في مصانع الإسمنت، كما أصدرت في العام نفسه قرار استخدام نفايات البناء والهدم المعاد تدويرها في مشاريع الطرق والبنية التحتية، ووقعت الوزارة مذكرات تفاهم مع عدد من مصانع الإسمنت لاستخدام الوقود البديل المنتج من محطة معالجة النفايات البلدية الصلبة في إمارة أم القيوين بشكل جزئي لتشغيل عملياتها التصنيعية.
كما أطلقت دولة الإمارات في عام 2021 سياسة الاقتصاد الدائري 2021 – 2031، والتي تعد إطاراً شاملاً يحدد اتجاهات الإمارات في تحقيق الإدارة المستدامة والاستخدام الفعال للموارد الطبيعية، من خلال تبني أساليب وتقنيات الاستهلاك والإنتاج المستدامين، بما يضمن جودة حياة الأجيال الحالية والمستقبلية، وتقليل استخراج الموارد الطبيعية وتحسين كفاءة استخدامها، والحد من النفايات الاستهلاكية والصناعية وتمديد دورة حياة المواد والمنتجات، من خلال تبني تدابير صديقة للبيئة.
– مدارس بلا نفايات..
ويعتبر مشروع مدارس بلا نفايات أحد المشاريع التحولية ضمن اتفاقيات الأداء للجهات الحكومية الاتحادية لعام 2022 والتي تم توقيعها بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي “رعاه الله” ..وتمثل اتفاقيات الأداء مشاريع نوعية تنقل الدولة نحو المستقبل وتعزز من تنافسيتها، كما تتميز المشاريع التحولية بتحقيق أثر كبير في كافة القطاعات ضمن فترات زمنية قصيرة، وبما يضمن تطبيق منهجية العمل الحكومي الجديدة لحكومة دولة الإمارات.
ويسهم مشروع مدارس بلا نفايات في رفع وتعزيز مستويات الوعي البيئي فيما يخص الإدارة المتكاملة للنفايات لدى الطلاب والمعلمين، وتحقيق الاستدامة البيئية، وصولاً إلى تعزيز تحقيق المؤشرات الوطنية الخاصة بمعالجة إعادة تدوير النفايات.
وتعمل وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون مع شركائها في المشروع على تنفيذ ورش التثقيف والتوعية لطلبة المدارس والكادر التدريسي وتوفير حاويات لفرز النفايات واستخدام التكنولوجيا الحديثة للتعامل مع النفايات في المدارس المختارة.
– رصد النفايات البلاستيكية في البيئة البحرية..
وأطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة في شهر أبريل الماضي برنامجاً متكاملاً لرصد النفايات البلاستيكية في البيئة البحرية والساحلية لدولة الإمارات عن طريق تنفيذ مجموعة من الدراسات العلمية والاستفادة من نتائجها في تعزيز الجهود المبذولة للحد من انتشار هذه النفايات.
وتركز هذه الدراسات على استخدام مجموعة واسعة من الأساليب لقياس كميات وأحجام البلاستيك في مياه البحر وشواطئ الدولة، وتهدف الدراسة إلى تحديد أنواع وكميات التلوث البلاستيكي في مياه الدولة، ومن ثم وضع التدابير الاحترازية اللازمة بما يضمن الحفاظ على سلامة وصحة الانسان والأحياء البحرية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على ضرورة تبني المجتمع الاستهلاك المسؤول للحد من النفايات البلاستيكية وعدم التخلص منها في مياه البحر والبيئة بشكل عام.
– تحويل النفايات إلى طاقة..
وشهدت صناعة تدوير النفايات في دولة الإمارات تطورات مهمة في الأعوام القليلة الماضية، فاتسع حجمها ونطاقها، وشملت معظم أنواع النفايات القابلة للتدوير، بما في ذلك النفايات الإلكترونية والنفايات البلاستيكية وإطارات السيارات والبطاريات المستهلكة ومخلفات مصاهر صناعة الألمنيوم والنفايات الخضراء والزيوت المستهلكة.
وشهد عام 2022 دخول دولة الإمارات فعلياً مرحلة جديدة في مسيرة تعزيز إنتاج الطاقة النظيفة وجهود الوصول للحياد المناخي عبر إنتاج أول كيلو واط من الكهرباء من خلال معالجة النفايات، وذلك مع افتتاح محطة الشارقة لتحويل النفايات إلى طاقة، والتي تعد الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط.
وتسهم المحطة في تحويل ما يصل إلى 300 ألف طن من النفايات عن المكبات سنوياً، وإنتاج 30 ميجاواط من الكهرباء منخفضة الكربون، ما يكفي لتزويد نحو 28 ألف منزل في الإمارات بالكهرباء، وتوفير 45 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي في كل عام، كما يساهم المشروع في تفادي انبعاث ما يصل إلى 450 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وهو ما يدعم مساعي الدولة لتنفيذ المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050.
وفي دبي يبرز مشروع مركز دبي لمعالجة النفايات في منطقة ورسان، الذي يعتبر إحدى أكبر محطات العالم لتحويل النفايات إلى طاقة، حيث ستصل قدرته إلى معالجة 5666 طناً من النفايات البلدية الصلبة التي تُنتِجها إمارة دبي يومياً وسيُحوَّل نحو 1,900,000 طن من النّفايات سنوياً إلى طاقة متجددة ستُغذي شبكة الكهرباء المحلية بنحو 200 ميجاوات من الطّاقة النظيفة، ومن المتوقع افتتاح وتشغيل المحطة في عام 2024.
وفي عام 2021 أطلقت دائرة الطاقة في أبوظبي “سياسة إنتاج الطاقة من النفايات” بهدف دعم تحول إمارة أبوظبي نحو اقتصاد أكثر استدامة من خلال تعزيز دور وأهمية الاقتصاد الدائري.
وتعمل إمارة أبوظبي على إنشاء محطة لتحويل النفايات إلى طاقة بسعة 900,000 طن/عام لمعالجة النفايات البلدية الصلبة المتولدة في الإمارة وتحويلها عن المكبات.
كما قامت وزارة التغير المناخي والبيئة بتشغيل محطة نموذجية لمعالجة النفايات البلدية الصلبة وإنتاج الوقود البديل منها بقدرة إنتاجية تصل إلى 300 ألف طن سنوياً، وتغطي خدمات هذه المحطة إماراتي عجمان وأم القيوين.
– إعادة تدوير النفايات العضوية..
شهدت دولة الإمارات خلال العام الماضي إطلاق أول مشروع في المنطقة لإعادة تدوير النفايات العضوية واستخدامها في إنتاج أعلاف حيوانية وسمكية باستخدام الحشرات، بهدف توفير فرص اقتصادية مستدامة من خلال معالجة التحديات الناتجة عن تراكم النفايات بطرق طبيعية عبر إعادة تدوير النفايات العضوية واستخدامها في إنتاج الأعلاف.
ويعتمد المشروع على استزراع واستخدام حشرات “ذبابة الجندي الأسود” التي تتغذى على بقايا الطعام، ثم تصبح هي نفسها علفاً للحيوانات، وتتحول فضلاتها إلى سماد عضوي يتم تحويله إلى أعلاف وبروتينات حيوانية، وأسمدة عضوية، وزيوت صناعية.
وفي إطار سعي دولة الإمارات لتعزيز استدامة البيئة، وضعت حكومة الامارات قراراً ينظم استخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد في الدولة، حيث سيتم تطبيق حظر تام على جميع الأكياس البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة في الدولة بحلول 2024، والأكياس أحادية الاستخدام الأخرى بحلول 2026، ليشكل ذلك أحد الإجراءات الرامية لحماية البيئة من التلوث الناتج عن استهلاك مثل تلك المنتجات.
يذكر أن تقريراً صادراً عن البنك الدولي أكد أن إدارة النفايات الصلبة أمر بالغ الأهمية للمدن والمجتمعات المستدامة الصحية والشاملة، إلا أنه غالباً ما يتم تجاهلها، خاصةً في البلدان منخفضة الدخل، ففي حين يتم استرداد أكثر من ثُلث النفايات في البلدان مرتفعة الدخل من خلال إعادة التدوير والتحويل إلى سماد، فإن 4% فقط من النفايات في البلدان منخفضة الدخل يُعاد تدويرها، كما تشير التقديرات إلى أن 1.6 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون قد تم توليدها من معالجة النفايات والتخلص منها في عام 2016 وهو ما يمثل حوالي 5% من إجمالي الانبعاثات في العالم.
تابعنا