بعد افتتاح المتحف الكبير.. مصر تعلن اكتشاف معدن نادر قيمته تفوق النفط السعودي بعشر مرات

شهدت مصر يوم أمس السبت افتتاح المتحف المصري الكبير، ويأتي ذلك بالتزامن مع إعلانها اكتشاف معدن نادر قيمته تفوق السعودي بعشر مرات، وهو معدن الثوريوم الذي يعتبر خيار واعد لمستقبل الطاقة النووية بسبب خصائصه التي تميزه عن اليورانيوم وتجعله في صدارة المشهد النووي العالمي، ومن شأن هذه الإنجازات أن تنعكس على الاقتصاد المصري وتجعله ينمو بشكل سريع وهو ما سينعكس على الوضع المعيشي للشعب المصري خلال السنوات المقبلة.

Advertisements

 

افتتاح المتحف المصري الكبير واكتشاف معدن الثوريوم.. انجازات تاريخية للجمهورية المصرية

تمضي جمهورية مصر بثبات في طريق النهضة الشاملة التي تدمج بين الأصالة والمعاصرة، وقد تمثل ذلك بافتتاح المتحف المصري الكبير أمس السبت بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وعدد من الزعماء والوفود المشاركة من الدول العربية والأجنبية، وقد وصف بأنه أعظم مشروع ثقافي في القرن الحادي والعشرين، وأكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة.

وتزامن افتتاح المتحف المصري الكبير، مع اكتشاف احتياطيات ضخمة من معدن الثوريوم في مصر، لذلك فإن هذه الإنجازات تحمل رسائل عدة للعالم، يمثل افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة سلام وتنوير من أرض مصر إلى العالم، تحمل في مضمونها أن القوة الحقيقية تكمن في الثقافة والهوية والتاريخ، كما أن اكتشاف معدن الثوريوم يعتبر أيضًا رسالة للعالم مفادها أن مصر قادمة على النهضة الشاملة في مختلف الجوانب وأن تراثها على الأرض سيتحول إلى قوة تنموية مستدامة، وثرواتها تحت الأرض ستصبح رافدًا للاقتصاد والتنمية.

 

الثوريوم في مصر.. كنزًا ثمين مخفي في الرمال السوداء

مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك احتياطيات كبيرة من معدن الثوريوم، تصل نحو 380 ألف طن، ويعتبر هذا الاحتياطي الضخم ثروة كبيرة وكنز ثمين لمصر، خصوصًا في ظل التوجه العالمي نحو معدن الثوريوم الذي يتميز بخصائص فريدة تجعله البديل الأمثل لعنصر اليورانيوم في صناعة الطاقة النووية، وفي حال نجحت التجارب في استخدام الثوريوم وقودًا نوويًا في عدد من المفاعلات النووية، فإن سعره سوف يرتفع بشكل كبير وربما يتجاوز أسعار النفط، وهو ما يعني ان مصر قد تحقق ثروته هائله من هذا المعدن تتجاوز ما حققته السعودية من ثروتها النفطية.

ووفقًا لأحدث البيانات، فإن احتياطيات الثوريوم في مصر تتركز في 11 موقعًا في حزام "الرمال السوداء" الممتد على طول الساحل الشمالي للبحر المتوسط في مصر، وتقدر كليًا بحوالي 380 ألف طن، منها 100 ألف طن كموارد مؤكدة قابلة للاستخراج، و280 ألف طن من الموارد في الموقع. كما تشير التقديرات أن الاحتياطي الجيولوجي منها يقدر بـ200 مليار متر مكعب، وهو ما يكفي لتشغيل مصانع لفصل المعادن لمدة 150 سنة، بطاقة استهلاك تبلغ ألف متر مكعب في الساعة على مدار 24 ساعة.

وتضع هذه الاحتياطيات مصر ضمن أكبر 6 دول عالميًا في امتلاك الثوريوم، حيث تحتل المرتبة السادسة عالميًا بعد الهند، والبرازيل، والولايات المتحدة، وأوستراليا، والصين، متقدمة على روسيا وكندا وجنوب أفريقيا.

ويشير خبراء الاقتصاد والطاقة إن احتياطي الثوريوم في مصر كافٍ لتشغيل المفاعلات المستقبلية بكفاءة أعلى من اليورانيوم، إلا أن تكلفة الاستخراج والمعالجة لا تزال مرتفعة، ورغم أن مشاريع تطوير هذه المفاعلات لا تزال في طور التجريب عالميًا، لذلك يرى الخبراء بأن تصدير خام الثوريوم حاليًا هو الخيار الأمثل أمام الحكومة المصرية، إلى حين توافر البنية التحتية النووية اللازمة، أو إلى حين انخفاض تكاليف الإنشاء والتشغيل. ويُعَد هذا الخيار واقعيا بالنظر إلى الطلب العالمي المتزايد، خصوصا من دول مثل الصين والهند اللتين تسعيان إلى تأمين كميات ضخمة من الثوريوم لتغذية مفاعلاتها المستقبلية.

 

احتياطيات معدن الثوريوم في العالم

يعد عنصر الثوريوم من المعادن النادرة، ويبلغ احتياطي الثوريوم في العالم 6.4 مليون طن، موزعة عبر القارات، حيث تتصدر الهند قائمة دول العالم التي تمتلك أكبر الاحتياطيات من معدن الثوريوم، بنحو 850 ألف طن، تليها البرازيل بقرابة 630 ألف طن، وفي الترتيب الثالث أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية باحتياطيات تصل إلى 600 ألف طن لكل منهما. وذلك وفقًا لأحدث بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

ولا يقتصر وجود الثوريوم على الهند والبرازيل وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية، فقد كشف تقرير حديث صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووكالة الطاقة النووية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن هناك دول أخرى تمتلك احتياطيات ضخمة من عنصر الثوريوم، على رأسها مصر التي تبلغ احتياطي الثوريوم فيها نحو 380 ألف طن، وتركيا بنحو 374 ألف طن. وفنزويلا بنحو 300 ألف طن. تليها كندا باحتياطي يبلغ 172 ألف طن، ثم روسيا بنحو 155 ألف طن. وجنوب أفريقيا بنحو 148 ألف طن. والصين بنحو 100 ألف طن. والنرويج 87 ألف طن. وغرينلاند: 86 ألف طن. وفنلندا 60 ألف طن. والسويد: 50 ألف طن. وقازاخستان: 50 ألف طن. كما يوجد عنصر الثوريوم في دول أخرى باحتياطي يبلغ نحو 1.725 مليون طن.

 

ما هو معدن الثوريوم؟

معدن الثوريوم هو معدن طبيعي فضي اللون ذو نشاط إشعاعي طفيف، ويوجد بكميات ضئيلة في معظم الصخور والتربة، ويبرز "الثوريوم-232" كونه النظير الطبيعي الوحيد له، وأبرز مصادر الثوريوم في معدن المونازيت، وهو فوسفات نادر يحتوي على نسبة قد تصل إلى 12% من فوسفات الثوريوم، كما يوجد في الصخور النارية والصخور الأخرى، لكنه يتركز في الرسوبات المكيثة، التي تتشكل بفعل الأمواج والتيارات البحرية مع معادن ثقيلة أخرى، خاصة في الهند، التي تمتلك أكبر الاحتياطيات المعروفة عالميًا.

ومن خصائص عنصر الثوريوم أنه يتحلل ببطء شديد، إذ يبلغ عمره النصفي -المدة التي يستغرقها نصف كمية عنصر مشع معين ليتحلل إشعاعيًا إلى عنصر آخر- نحو 3 أضعاف عمر الأرض، وعندما يتحلل الثوريوم تتكون كميات ضئيلة من نظائر أخرى، مثل الثوريوم-228 والثوريوم-230 والثوريوم -234، لكنها تبقى هامشية من حيث الكتلة، إذ يتحلل في النهاية إلى الرصاص-208.

والثوريوم-232 ليس وقودًا نوويًا في حدّ ذاته، أي لا يمكن الاعتماد عليه مباشرة في المفاعلات النووية، ويتطلب محفزًا مثل اليورانيوم-235 أو البلوتونيوم-239، لكنه خصب للانشطار، فعندما يمتص نيوترونًا يتحول إلى اليورانيوم-233، وهو وقود انشطاري فاعل.

 

استخدام الثوريوم وقودًا نوويًا في 7 مفاعلات نووية

رغم إن الوقت معظم المفاعلات النووية تعتمد حاليًا على اليورانيوم في صناعة الطاقة النووية، إلا أن هناك تحول جاد لاستخدام الثوريوم وقودًا نوويًا في 7 أنواع من المفاعلات النووية كمرحلة أولى، وهي: (مفاعلات الماء الثقيل، والمفاعلات عالية الحرارة والمبردة بالغاز، ومفاعلات الماء المغلي، ومفاعلات الماء المضغوط، والمفاعلات سريعة النيوترونات، ومفاعلات الملح المنصهر، والمفاعلات المعتمدة على المسرعات).

 

لماذا يُعد الثوريوم خيارًا استراتيجيًا في صناعة الطاقة النووية؟

كشفت الدراسات والأبحاث والتجارب، مجموعة من الخصائص في عنصر الثوريوم تميزه عن اليورانيوم وتجعله خيارًا استراتيجيًا وأكثر كفاءة وأمانًا في صناعة الطاقة النووية، أبرزها:

- إنتاج طاقة أعلى: يمكن للثوريوم توليد طاقة تفوق تلك التي يوفرها اليورانيوم بنحو 200 مرة.

- مفاعلات أكثر أمانًا: مفاعلات الملح المنصهر التي تعمل بالثوريوم لا يمكن أن تذوب، مما يجعلها أقل عرضة للحوادث النووية.

- تقليل النفايات المشعة: الثوريوم يولّد نفايات مشعة أقل بكثير من اليورانيوم، ما يقلل المخاطر البيئية طويلة الأمد.

- عدم الحاجة إلى تبريد بالماء: يمكن تشغيل هذه المفاعلات في بيئات قاحلة دون الحاجة إلى موارد مائية ضخمة.

 

الخلاصة:

يعد الثوريوم أحد أبرز الثروات المعدنية التي قد تغيّر معادلات الطاقة والتكنولوجيا والاقتصاد والأمن القومي في العالم، وليس في مصر فقط، ويكتسب الثوريوم أهمية متزايدة في ظل السعي العالمي لتطوير مفاعلات الجيل الرابع، التي تعد أكثر أماناً وكفاءة في استخدام الوقود النووي، مما يفتح آفاقاً جديدة أمام مصر للاستفادة من هذه الثروة الطبيعية، لكن ذلك يحتاج الكثير من الوقت نظرًا لارتفاع تكاليف البحث والتطوير، وارتفاع تكلفة تصنيع الوقود وإعادة المعالجة.

أخبار متعلقة :