ياسر الجرجورة - الرياض - الاثنين 20 فبراير 2023 11:23 مساءً - بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب فى اليمن، لا يزال البلد المنهك يعانى إنسانيا من عدة كوارث، وتعد "الألغام"واحدة من أخطر الكوارث الإنسانية فى اليمن، فهى لا تكتفى بحصد الأرواح، لكنها تخلف وراءها أطفالا مبتورى الأطراف سواء كليا أو جزئيا، مما يوصم حياتهم بإعاقات دائمة شاهدة على جرائم تُرتكب بحق الإنسانية.
ما يزيد الأمر صعوبة هو تعنت الحوثيين فى تسليم الخرائط الخاصة بالألغام، وهو ما طالبت به الأمم المتحدة أكثر من مرة، للمساعدة فى عمليةنزعها، أيضا يترتب على ذلك عدم وجود لوحات إرشادية لتحذير المارةبتلك الأماكن التى تحتوى أرضها ألغاما.
تحذير أممى
من جانبها أشارت بعثة الأمم المتحدة المكلفة بمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة اليمنية غرب البلاد في بيان لها الأسبوع الماضى، إلى أن عدد المدنيين من ضحايا انفجار الألغام الأرضية قد ارتفع بنسبة 160% مقارنة بما هو مسجل قبل سنة، بعد أن تم تسجيل 289 ضحية سنة 2022 مقابل 111 خلال السنة التي سبقتها.
وأعلنت البعثة الأممية في نهاية 2022 أن عدد ضحايا الألغام الأرضية بلغ 289 شخصا، من بينهم 112 طفلا و15 امرأة، بينما ذهب 105 أشخاص ضحية أعمال عدائية (قتالية)، وهو ما رفع عدد الضحايا المدنيين إلى 394 شخصا.
وبحسب الأمم المتحدة فإن الأحداث وقعت على طول المناطق الساحلية الجنوبية لمدينة الحديدة، وإن أغلب الحوادث كانت مرتبطة بالأنشطة الزراعية، عندما يدخل الفلاحون إلى أراضيهم الزراعية أو عندما يجلبون الأغنام للرعي.
إضافة إلى ذلك، كانت هناك زيادة كبيرة لعدد الزائرين في المنطقة خلال العطل وأشهر الشتاء، للتمتع بجو الساحل والابتعاد عن مناخ الجبال البارد، دون أن يكون لهم علم بالمناطق الخطيرة، وهو ما يفسر العدد الكبير للحوادث المسجلة.
تاريخ الألغام فى اليمن
وعانى اليمن من ظاهرة زراعة الألغام منذ تفجر الصراعات السياسية والعسكرية في ستينيات القرن الماضي مرورا بحروب المناطق الوسطى وأحداث 1994 وما بعدها.
وفي مطلع القرن الحالي، كان اليمن أول بلد عربي ينهي عملية تحطيم مخزونه من الألغام المضادة للأفراد.
وأكد المركز الوطني اليمني لمكافحة الألغام ، أن اليمن بموجب توقيعه على معاهدة أوتاوا لنزع الألغام، التي تنص على تحريم زرع وصنع واستيراد الألغام، فقد دمر مخزونه من الألغام بحلول 2007 – وبهذا كان اليمن قريبا من إعلانه خاليا من الألغام، إلا أنه نتيجة لاستمرار الصراع حينها بين جماعة الحوثي والحكومة الشرعية فقد ازدادت ظاهرة زراعة الألغام منذ اندلاعه في بداية 2011 وازدياد حدته في 2014 حينما اقتحم الحوثيون صنعاء.
منذ ذلك الحين وحتى إعلان الهدنة في أبريل 2022 فقد زُرع عدد كبير من الألغام في مناطق الاشتباك في أكثر من محافظة، ناهيك عن زراعة الألغام في البحر الأحمر. وللأسف، لا توجد خرائط واضحة عن مناطق زراعتها ما يجعل محاولة نزعها في المستقبل أمرا في غاية الصعوبة.يعد اليمن، الآن، من أكثر الدول التي تنتشر فيها زراعة الألغام- المحظورة عالمياً.
إحصائيات
من جانبه وثق برنامج المرصد اليمني لنزع الألغام، منذ تأسيسه في منتصف 2019 حتى مايو 2022، رصد تضرر حوالى 370 مدنيًا نتيجة الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها الحوثيون.
وقد وثق التحالف اليمني لرصد الانتهاكات ضد حقوق الإنسان خلال السنوات الست الماضية سقوط أكثر من 1929قتيلا مدنيا، وتدمير وتضرر أكثر من 2872 منشأة عامة وخاصة في عدد من المحافظات اليمنية نتيجة استخدام الألغام المضادة للأفراد أوالمضادة للمركبات.
وخلال المرحلة الأولى من مشروع نزع الألغام الطارئ التابع للأمم المتحدة فقد"تم إجراء عمليات مسح وتطهير للأراضي في 21 محافظة و233 مديرية، وتطهير أكثر من 23 مليون متر مربع من الأراضي. وتم إزالة ما يقربمن 635,000 قطعة من الذخائر المتفجرة.
وبدأت المرحلة الثانية في أكتوبر2021 وتستمر حتى 30 ديسمبر 2026.تشير آخر إحصائيات مشروع مسام السعودي لنزع الألغام الحوثية في اليمن إلى أن المركز قام منذ تأسيسه في 2018 حتى إبريل 2022 بنزع وإتلاف 322,789 لغمًا وعبوة ناسفة وقذيفة غير منفجرة.هناك تقارير تؤكد أن اليمن بحاجة لثماني سنوات حتى يتخلص من نزع هذه الألغام. أما تقرير المركز الأمريكي للعدالة فقد أشار إلى أن 75% من المصابين بالألغام تعرضوا للإعاقة الدائمة أو التشويه الملازم لهم طيلة حياتهم.
تداعيات الألغام
تمثل الألغام الأرضية والمتفجرات تهديدا مباشرًا على حياة المدنيين والأطفال على وجه التحديد، و حتى 31 أغسطس 2021 بلغ عدد القتلى والمصابين ما يقرب من 10,000 طفل بسبب النزاع، وذلك بحسب الأرقام التي تمكنت الأمم المتحدة من التحقق منها، جزء من هؤلاء كانوا ضحايا الألغام، حيث أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن ألغام الحوثيين تقتل المدنيين. وفي حقيقة الأمر، يواجه المدنيون، والمسافرون، ورعاة المواشي، والمزارعون، والأطفال، والنساء والنازحون، وحتى الحيوانات، أخطارا جسيمة مهددة للحياة، إضافة إلى ظهور تشوهات نفسية واجتماعية لدى ضحايا الألغام.
كما تعاني كثير من الأسر التي تعتمد على الرعي والزراعة ولاسيما عندما يتعرض رب الأسرة لإعاقة كاملة نتيجة تعرضه للغم أرضي، وبالتالي تفقد معيلها.
وعلى المستوى الصحي، تنتشر الأمراض العصبية والتشوهات الجسدية التي يصعب معالجتها نتيجة لافتقار البلد لأبسط الخدمات الطبية لغياب برامج الدعم النفسي والاجتماعي، وعدم توفر مراكز حديثة لتركيب الأطراف الصناعية لذوي الإعاقات. أما على المستوى الاقتصادي، يمتنع كثير من المزارعين عن حرث مزارعهم خوفا على حياتهم.
وساطة أممية
ومن جانبها كانت الأمم المتحدة قد أعلنت أنها توسطت في اتفاق هدنة لشهرين إضافيين، حيث إن جماعة الحوثيين تتقاعس فى الالتزام بوقف إطلاق النار المؤقت أثناء سريان الهدنة، استمرت الانتهاكات والتجاوزات في اليمن، حيث أدى النزاع الذي طال أمده في اليمن إلى إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من 20 مليون يمني إلى المساعدة ويعانون من نقص الغذاء والرعاية الصحية والبنية التحتية. شمل النزاع هجمات ضد منشآت مدنية مثل المنازل، والمستشفيات، والمدارس، والجسور، والتي نُفذت بشكل متعمد وعشوائي. وتهجير أكثر من 4 ملايين شخص من منازلهم.