باسل النجار - القاهرة - الثلاثاء 20 أغسطس 2024 01:34 مساءً - في لقاء بعنوان "اختيار فكرة الفيلم"، استضافت "كايرو فيلم فاكتوري" المنتج والمخرج مارك لطفي، مؤسس فيج ليف ستوديو، إحدى أبرز شركات الإنتاج السينمائي المستقل في مصر والمنطقة العربية، والذي شارك في إنتاج العديد من الأفلام التي حازت على التقدير على المستوى العالمي.
تناول اللقاء، الذي أداره الناقد السينمائي محمد سيد عبد الرحيم بحضور مجموعة من صناع الأفلام، التحديات المختلفة التي تواجه صانع الفيلم في اختيار فكرة الفيلم، ومن بينها أصالتها وعلاقتها بالواقع والمحيط الثقافي والاجتماعي، وسياقها الإنتاجي، وجمهورها المستهدف.
أشار مارك لطفي إلى أن صناعة فيلم بميزانية محدودة ينبغي أن تكون اختيارًا، وليس نتيجة لمحدودية الموارد.لأن التخلص من عبء الميزانيات الكبيرة، التي تتجاوز قدرة المخرج وفريق العمل على إنجاز الفيلم بالاعتماد على إمكانياتهم المادية والفنية والتقنية المتاحة، يضمن لهم حرية الاختيار والتعبير والتجريب. كما أشار إلى أن استثمار عدد كبير من الجهات المانحة والإنتاجية في مشروع فيلم يكبل صانع الأفلام بالمخاوف والتوقعات والقيود التي تحد من حريته. وقال: "مع زيادة الاستثمار يزداد القلق وتزداد القيود.الميزانية المحدودة تساوي الحرية." مؤكدًا أن وضع تصورات إنتاجية ضخمة لصناعة الفيلم يجعل صانع الأفلام مشاركًا في وضع العقبات.
مواجهة مختلف التحديات التي تفرضها الصناعة
وأكد لطفي على ضرورة العمل الجماعي ضمن فريق متجانس في الرؤية والأهداف كأحد العوامل الجوهرية لمواجهة مختلف التحديات التي تفرضها الصناعة. وقال: "العمل الجماعي يتيح عددًا لا متناهي من الحلول الإنتاجية والفنية التي تعزز حرية الاختيار. السينما عمل جماعي ولا يمكنها أن تكون غير ذلك."
وأشار لطفي إلى أن وجود أطر سائدة للجهات المانحة والإنتاجية بتنوعاتها هو أمر واقع في صناعة الأفلام، لكن هذه الأطر ليس من المستحيل اختراقها، بشرط أن يكون صانع الأفلام واعيًا بالأفكار التي يرغب في التعبير عنها وأن يعمل بروح الباحث ليمتلك رؤيته الخاصة. فعندما يواجه صانع الأفلام الأطر السائدة بامتلاك أدواته ورؤيته ووعيه الخاص والأرض الصلبة التي يقف عليها، يجعله ذلك في موقف ندّي وليس في موقع الخاضع لتلك الأطر. وأضاف أن الخضوع لمعايير الأطر السائدة ليس صعبًا، لكن على صانع الأفلام أن يطرح على نفسه سؤالًا جوهريًا وهو: هل هذا حقًا ما أرغب في فعله؟ وهل هذا ما تعنيه السينما بالنسبة لي؟ مشيرًا إلى أن طرح خطاب بديل يتطلب من صانع الأفلام أن يمتلك الأدوات التي تجبر الآخر على التعاطي مع هذا الطرح بجدية. وقال: "إذا رغبت في فرض طرح بديل عليك أن تكون مقنعًا، فالسير عكس التيار يحتاج إلى البحث والدراسة وامتلاك الدليل على أهمية ما تمتلكه من أفكار."
وأضاف مارك لطفي أن الواقع المصري يتمتع بفرص لا محدودة من الأفكار والقصص والطبقات الاجتماعية والثقافية والسياسية والمفاجآت التي لا يصدقها عقل، والتي تحتاج إلى صانع أفلام يعمل بروح الباحث المهووس بالمعرفة. وقال: "عندما يطرح الآخر مواضيع محددة لأنه يرى أن لها الأولوية، فإن مواجهة ذلك لا تأتي بخطاب المظلومية، وإنما بطرح بديل يجبره على مناقشتك في أولوياتك أنت."
من جهته، أشار الناقد محمد سيد عبد الرحيم الذي أدار اللقاء، إلى أن مارك لطفي يعد من أبرز الشخصيات السينمائية في السنوات العشر الأخيرة، وخاصة في صناعة السينما المستقلة. مشيرًا إلى انخراطه في المجال السينمائي في وقت مبكر مؤسسًا شركة فيج ليف في العام 2005، وكذلك كناشط سينمائي معني بالثقافة السينمائية من خلال "سينيدليتا"، وهي مدرسة سينمائية مستقلة ساهمت في تخريج الكثير من صناع الأفلام. وأضاف أن لطفي شارك في إنتاج عدد من الأفلام التي حققت نجاحات مهمة على المستوى الدولي ورفعت اسم السينما المصرية واسم مصر على المستوى العالمي.
مارك لطفي يتمتع بخبرة ممتدة
وقالت المخرجة ناهد نصر، مؤسسة "كايرو فيلم فاكتوري"، إن مارك لطفي يتمتع بخبرة ممتدة في مجال الإنتاج السينمائي المستقل، وفي مجال الشراكات الإنتاجية تمكنه من امتلاك رؤية ملهمة لصناع الأفلام على أول الطريق. مشيرة إلى أن أحد أهداف سلسلة اللقاءات الشهرية في كايرو فيلم فاكتوري، التي تحظى بمشاركة صناع الأفلام من أجيال مختلفة، هو مشاركة وتبادل الرؤى والخبرات والحلول في صناعة الأفلام.
يذكر أن المنتج والمخرج مارك لطفي أسس "فيج ليف ستوديو" عام 2005 لتصبح إحدى أبرز شركات الإنتاج السينمائي المستقل في المنطقة. وشارك في إنتاج العديد من الأفلام التي حازت على جوائز وشاركت في مهرجانات دولية مرموقة، من بينها "وجوه" للمخرجة دينا ناصر، الذي حاز على تنويه خاص من لجنة تحكيم الأطفال لأفضل فيلم قصير في مهرجان برلين السينمائي 2024، و"كذب أبيض" للمخرجة أسماء المدير، الحائز على السعفة الذهبية في قسم نظرة ما بمهرجان كان 2023، وفيلم "ستاشر" للمخرج سامح علاء، الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي 2020، وفيلم "سعاد" للمخرجة آيتن أمين (اختيار مهرجان كان 2020 وبرلينالة وتريبيكا 2021)، و"كباتن الزعتري" للمخرج علي العربي (اختيار صندانس 2021).
اقرأ أيضا:
عصام زكريا يرسم الطريق إلى المهرجانات العالمية في «كايرو فيلم فاكتوري»
أخرج لطفي عدة أفلام قصيرة، من بينها One Night Stand عام 2019 بالمشاركة مع المخرجة نور عابد، وشارك في عدة مهرجانات، من بينها مهرجان جيلافا السينمائي الدولي للأفلام الوثائقية، ومهرجان جابس، ومهرجان شيكاغو السينمائي لأفلام الأنـدر جراوند.كما شارك في تأسيس "سنيديلتا"، وهي مدرسة مستقلة للأفلام الوثائقية تهدف إلى خلق فرص لصانعي الأفلام الشباب من خلال تبادل الخبرات مع خبراء السينما الدوليين.