- سيف الحموري - الكويت - الجمعة 20 أكتوبر 2023 02:33 مساءً - العجب كل العجب أن تجد من الأمم من يدعي الرقي ثم يناصر هذا الكيان المجرم أو يسكت عنه
- لما دخل عمر بن الخطاب بيت المقدس فاتحاً لم يهدم صومعة ولا كنيسة ولا معبداً ولا داراً
- كيف لمن يدعي صيانة حقوق الإنسان شنّ الغارات على المدنيين والمدارس والمستشفيات بكل وحشية وهمجية ؟!
أسامة أبو السعود
أكدت خطبة الجمعة التي عممتها وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية على جميع مساجد البلاد اليوم بعنوان «إنما المؤمنون أخوة» أن ما يرتكبه الكيان الصهيوني في حق إخوتنا وأهلنا في فلسطين، وخاصة قصف المستشفيات والمدارس، واستهداف المرضى والأطفال، وقتل المئات منهم على أسرة العلاج، وفي مقاعد الدراسة: لمن مستحدثات الجرائم التي لا يمكن لبشر أن يتصورها».
وأوضحت الخطبة التي تعدها لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة بإدارة الشؤون الفنية في وزارة الاوقاف ان «العجب كل العجب أن تجد من الأمم من يدعي الرقي ثم يناصر هذا الكيان المجرم، أو يسكت عنه».
وشددت خطبة الجمعة على أن حقوق إخوتنا في الدين ـ في فلسطين وغيرها علينا كثيرة: فنصرتهم والدعاء لهم، والمساهمة في بيان حقهم السليب عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وبيان الظلم الذي وقع عليهم، ومحاولة تهميش القضية الفلسطينية، تعد من موجبات الأخوة الحقة الموجبة لرضوان الله تعالى.
وأوضحت الخطبة انه لما دخل عمر بن الخطاب بيت المقدس فاتحا لم يهدم صومعة ولا كنيسة ولا معبدا ولا دارا بل ترك للناس دور عبادتهم ومحل تنسكهم، وكتب لأهل البلد عهدا وأمانا وأشهد عليه، فعاش اليهود والنصارى في أمن وأمان في ظل حكم الإسلام،
وتساءلت خطبة الجمعة المعممة «فكيف لأمم تدعي صيانة حقوق الإنسان والمحافظة على الأمن والسلام، وهم يشنون الغارات على المدنيين بكل وحشية، ويستهدفون المدارس والمستشفيات بكل صورة همجية؟!!.
وفيما يلي نص الخطبة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) [آل عمران: 102]، (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به، والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) [النساء: 1]، (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
معاشر المسلمين: إن من نعم الله تعالى على المؤمنين: أن جعلهم إخوة فيه متحابين، فقال تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) [الحجرات: 10]. ووحد قلوبهم وألف بينها، قال جل وعلا (..وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم) [الأنفال: 63].
وحرم عليهم التدابر والتباغض والتحاسد، فعن أنس بن مالك، أن رسول الله ﷺ قال: «لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا ـ عباد الله ـ إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهاجر أخاه فوق ثلاث ليال- رواه مالك والبخاري ومسلم».
فصار لزاما على المسلم أن ينصر أخاه المسلم ولا يخذله، ويمد له يد العون والمساعدة متى ما احتاج إليها، ويقف معه في الأزمات، ويكون سندا له عند الملمات، وليحذر كل الحذر من أن يوالي الكفار على المسلمين، فإن هذا يعد من نواقض الأخوة الإيمانية، ومن كبائر المحرمات الدينية، قال الله عز وجل: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة) [آل عمران: 28].
عباد الله: ألا وإن التمسك بهذه الأخوة حاجة ملحة وخاصة في هذه الأيام التي يتعرض فيها إخوتنا في بقاع إسلامية شتى ـ كفلسطين وغيرها إلى أشد أنواع الحملات الهمجية والوحشية فكان من مقتضيات الإيمان: العمل بما تستلزمه الأخوة بين المؤمنين من التناصر والتراحم والتواد والتعاطف، وان التقصير في ذلك والتهاون فيه ضرب من الخذلان ونقض لعرى الإيمان، وتكون النصرة والمساعدة وفق الضوابط الشرعية المرعية، بعد الرجوع إلى علماء الأمة والالتزام بتوجيهات ولاة أمور المسلمين، وألا ينساق المسلم وراء العواطف، حتى لا تتحول النصرة والمساعدة إلى فوضى لا ضوابط لها، أو تنحى منحى فيه تهور لا تحمد عقباه، وليقف المسلمون مع أولياء أمورهم وبتوجيهات علمائهم يدا واحدة وصفا متراصا متكاتفا لنصرة المستضعفين من المسلمين.
معاشر المسلمين: بالأخوة تذاق حلاوة الإيمان، كما في الحديث عن أنس بن مالك، أن النبي ﷺ قال: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن أحب عبدا لا يحبه إلا لله عز وجل، ومن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار» (متفق عليه).
وبالأخوة نستظل تحت عرش الرحمن: كما في الحديث عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي»[رواه مسلم)، وجاء في صحيح البخاري ومسلم أن النبي ﷺ قال: «سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله:... ـ وذكر منهم ـ: ..ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه...» [من حديث أبي هريرة].
إن المتحابين في الله في ظل الرحمن يوم القيامة، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على عظم الأخوة في الله، والحب في الله، وشرطها: أن تكون هذه المحبة خالصة لله سبحانه وتعالى، فإنها إن تك خالصة لله ـ عز وجل ـ نفعت صاحبها، وحشر مع من أحب، فالصحبة في الدنيا تقطف ثمارها في الآخرة، فمن صحب قوما حشر معهم يوم القيامة.
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية الحمد لله أمرنا بالوحدة والإتلاف، ونهانا عن التفرق والاختلاف، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، طهر قلوب المؤمنين من الأحقاد، ورفع قدر من أطاعه وانقاد، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله، زكى الله سيرته، وطهر علانيته وسريرته، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، وأعدوا الزاد للقاء الله، فإن الآخرة خير وأبقى.
معاشر المسلمين: إن حقوق إخوتنا في الدين ـ في فلسطين وغيرها- علينا كثيرة: فنصرتهم والدعاء لهم، والمساهمة في بيان حقهم السليب عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وبيان الظلم الذي وقع عليهم، ومحاولة تهميش القضية الفلسطينية، تعد من موجبات الأخوة الحقة الموجبة لرضوان الله تعالى، ألا وإن ما يرتكبه الكيان الصهيوني في حق إخوتنا وأهلنا في فلسطين، وخاصة قصف المستشفيات والمدارس، واستهداف المرضى والأطفال، وقتل المئات منهم على أسرة العلاج، وفي مقاعد الدراسة، لمن مستحدثات الجرائم التي لا يمكن لبشر أن يتصورها، والعجب كل العجب أن تجد من الأمم من يدعي الرقي ثم يناصر هذا الكيان المجرم، أو يسكت عنه، بل الأعجب من ذلك شرذمة جاهلة قليلة يعيشون في بلاد المسلمين ويناصرون هذا العدو الغاشم، ويخذلون إخوتهم المظلومين الصابرين المعلومين.
أيها المسلمون: لما دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيت المقدس فاتحا لم يهدم صومعة ولا كنيسة ولا معبدا ولا دارا بل ترك للناس دور عبادتهم ومحل تنسكهم، وكتب لأهل البلد عهدا وأمانا وأشهد عليه، فعاش اليهود والنصارى في أمن وأمان في ظل حكم الإسلام، فكيف لأمم تدعي صيانة حقوق الإنسان والمحافظة على الأمن والسلام، وهم يشنون الغارات على المدنيين بكل وحشية، ويستهدفون المدارس والمستشفيات بكل صورة همجية؟!.
عباد الله: إن من مسلمات الأمور: أن يفرح المسلم لفرح أخيه المسلم، وأن يتألم لألمه، ليكون المسلمون كالجسد إذا اشتكى منه عضو شاركه سائر الجسد بالألم، يعينه إذا استعانه، ويغيثه إذا استغاثه، ويقومه إذا مال عن الاستقامة، ويرشده إذا زل إلى باب الندامة، وينصره إذا استنصره، ولا يسلمه لعدو ولا ظالم، قال الله تعالى: (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير - الأنفال:72).
وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه» رواه البخاري ومسلم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ: «ولهذا كان المؤمن يسره ما يسر المؤمنين، ويسوؤه ما يسوؤهم، ومن لم يكن كذلك لم يكن منهم».
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد أزكى البرية أجمعين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك المؤمنين، اللهم عليك باليهود الغاصبين وانتقم من الصهاينة المجرمين، ورد الأقصى الجريح إلى حوزة المسلمين، اللهم كن لأهلنا في فلسطين ناصرا ومعينا، احقن دماءهم واحفظ أعراضهم، وأيدهم بتأييد من عندك، ورد كيد أعدائهم في نحورهم، اللهم آمنا في
أوطاننا، واحفظ أميرنا وولي عهده، ووفقهما لهداك، واجعل عملهما في رضاك يا رب العالمين، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، والحمد لله رب العالمين.