الجمعة 28 أبريل 2023 02:40 مساءً - متابعة _ لمى نصر:
يترقب العالم غداً المهمة التاريخية لرائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، وذلك لتنفيذ مهمة «السير في الفضاء» خارج محطة الفضاء الدولية، التي ستستمر 6 ساعات ونصف، وتبدأ المهمة عند الـ5.15 مساءً بتوقيت الإمارات، ويتولى خلالها رفقة زميله ستيفن بوين من وكالة ناسا الأمريكية تغيير وحدة RFG الخاصة بترددات الراديو، وهي جزء من نظام الاتصالات S-Band للمحطة، وذلك تمهيداً لإعادتها إلى الأرض، فضلاً عن إكمال سلسلة من المهام التحضيرية لتركيب ألواح شمسية للمحطة وتركيب أجزاء جديدة.
وانتهى النيادي من تجهيز البدلة المخصصة للمهمة «EMU» في خطوة أخيرة قبل مباشرة المهمة، وستجعل هذه المهمة النوعية الإمارات الـ10 عالمياً في مهمات السير في الفضاء خارج محطة الفضاء الدولية، والأولى لرائد فضاء عربي، فيما تعتبر عمليات السير في الفضاء، المعروفة أيضاً باسم النشاط خارج المركب «EVA»، ضرورية للحفاظ على قدرات محطة الفضاء الدولية وتطوير مهامها وأنظمتها.
وتسمح مهمة السير بالفضاء لرواد الفضاء بأداء مهام مختلفة، مثل صيانة الأنظمة الأساسية لمحطة الفضاء الدولية وإصلاحها، وتركيب أجهزة تكنولوجية جديدة، وتجميع وإعادة بناء وحدات المحطة، وتشير عمليات السير في الفضاء إلى مدى أهمية التعاون الدولي على متن محطة الفضاء الدولية، حيث يتعاون رواد الفضاء من مختلف البلدان، ويتبادلون المعرفة والمصادر المختلفة.
واستعداداً لتنفيذ المهمة يتم تجهيز رواد الفضاء داخل غرفة معادلة الضغط لمهمة السير بالفضاء، وهي مقسمة قسمين، الأول للتجهيز، والآخر يوجد به رواد الفضاء وهم مرتدون بدلهم، حيث يتم غلقها ثم يتم تفريغها من الضغط، وعادة ما يشترك في هذه المهمات النوعية اثنان من الرواد، يشتغلان على كثير من المهام.
وتعد بدلة رواد الفضاء «EMU» الخاصة بهذه المهمات بحد ذاتها مركبة فضائية لحماية الرواد، خاصة أن هذه المهمات للسير بالفضاء تستمر لنحو 7 ساعات، ولذلك فهي توفر لهم الأكسجين اللازم للتنفس خارج المحطة الدولية، وتحميهم من درجات الحرارة العالية التي تصل نهاراً إلى 120 درجة مئوية، وتصل مساءً إلى سالب 150 درجة، وكذلك تضم البدلة أجهزة لتنقية الهواء وبها وسائل الاتصال اللازمة لعملية السير بالفضاء والتواصل مع رائد الفضاء المرافق.
وتحتوي البدلة على جزء خلفي يشبه الحقيبة، ويطلق عليه «أنظمة دعم الحياة»، ويتضمن الأكسجين ومعدات التدريب، فيما تشتمل على قسمين؛ علوي يضم خوذة الرأس، والسفلي خاص بالجسم، وتتنوع أحجام أجسام رواد الفضاء، ولذلك تأتي البدلة بمقاسات مختلفة، ويرتدي رائد الفضاء خوذة البدلة ذات المقاس الثابت، فيما يتم التعديل على الجزء السفلي من ناحية القياس بحسب الحاجة، مثل الذراعين والقدمين، ويتم ربطها بأربطة معينة لتناسب رائد الفضاء.
وفي ما يخص خوذة الرأس للبدلة فإنها محمية بطبقات من مواد قاسية للحماية من الأشعة الشمسية وغيرها، كما تضم نظارة شمسية تستخدم خلال فترة وجود الشمس أثناء تأدية المهمة، وبها أغطية من الجانبين اليمين واليسار للحماية من الشمس أيضاً.
وأجرى النيادي تدريبات متخصصة استعداداً لهذه المهمة بمختبر الطفو المحايد «NBL»، وهو مسبح تديره وكالة ناسا الأمريكية، ويقع في مركز تدريب سوني كارتر، بالقرب من مركز لندون بي جونسون للفضاء في هيوستن بولاية تكساس، وهو أحد أهم الأساليب لتحضير الرواد لـ«مهمات السير في الفضاء»، وتطوير إجراءات المهمات للتحقق من عمل الأجهزة بشكل جيد، فضلاً عن التأقلم على بدلة رواد الفضاء «EMU» الخاصة بهذه المهمات.
ويحتوي مختبر الطفو المحايد على أكثر من 23 مليون لتر من الماء، ومجسم شبه كامل لمحطة الفضاء الدولية، حيث يجري تدريب الرواد باستخدام حبال الأمان، بينما يستمعان للتعليمات عبر مكبرات صوت موجودة تحت الماء، ويتوجب على الرواد ارتداء بدلة الفضاء تحت سطح الماء داخل حوض الماء المعد للتدريب، مع الاستعانة بأثقال تحافظ على مستوى الرواد، لتجنب الهبوط تحت القاع، أو أن يطفو إلى السطح، ويأتي ذلك لوضعهم في حالة شبيهة بانعدام الوزن والجاذبية، فيما تحتاج هذه التدريبات إلى اللياقة وقوة التحمل والحضور الذهني.
ونظراً للمخاطر العالية المرتبطة بمهمات السير في الفضاء، يتم اختيار رواد الفضاء المؤهلين فقط للقيام بأداء هذه المهمة، فهذه العملية لا تشكل تحدياً على الصعيد البدني فقط، بسبب بدلات الضغط التي يرتديها رواد الفضاء، بل تتطلب أيضاً قدرات ذهنية كبيرة، حيث يتعين على رواد الفضاء الجمع ما بين التركيز على المهام التي يقومون بها، والحفاظ على سلامتهم، وكذلك التفاعل مع الطاقم الموجود على متن المحطة، وفريق مركز التحكم بالمهمة على الأرض.
ويخضع اختيار رواد الفضاء الذين يتم اختيارهم للقيام بمهمة السير في الفضاء لعملية اختيار صارمة بناءً على مهاراتهم، وخبراتهم، وقدرتهم على التكيف مع بيئة الفضاء الصعبة، فضلاً عن ضرورة إثبات كفاءة استثنائية في مجلات مختلفة، مثل الهندسة، والروبوتات، وأنظمة دعم الحياة، إضافة إلى اللياقة البدنية، والمرونة العقلية.
تابعنا