أعلنت أمانة محافظة جدة افتتاح أحدث نفق مروري في المدينة، ضمن مشروع استراتيجي لتحسين حركة السير وتقليص الزحام الذي طالما عانت منه شوارعها الحيوية. النفق الجديد، الذي افتُتح رسميًا في يونيو 2025، ليس مجرد ممر مروري عادي، بل يُعد مرحلة مفصلية في خارطة التحول الحضري والبنية التحتية في جدة مخعمح حسب ما أوضحته الجهات المختصة في إعلانها الرسمي.
ثورة مرورية تحت الأرض.. افتتاح نفق جديد في جدة وبداية مرحلة مفصلية في خارطة التحول الحضري والبنية التحتية
من قلب المدينة النابض إلى أطرافها المزدحمة، جاء النفق ليصل مناطق طالما شهدت اختناقات مرورية حادة.
النفق الجديد يقع عند تقاطع طريق الأمير ماجد مع شارع فلسطين، وهو من أكثر المواقع ازدحامًا في مدينة جدة. يمتد النفق لمسافة تتجاوز 800 متر، ويتضمن مسارين في كل اتجاه، مع نظام تهوية وإنارة ذكية ومراقبة عبر كاميرات رقمية. كما تم تصميمه ليكون مقاومًا للأمطار، مزوّدًا بمحطات تصريف متقدمة تحسبًا لأي ظروف جوية قادمة.
أهداف استراتيجية تُحاكي المستقبل:
النفق ليس مجرد حل فوري، بل ركيزة في خطة استراتيجية واسعة لإعادة تشكيل وجه جدة المروري.
يأتي افتتاح هذا النفق ضمن خطة "جدة تتحرك"، التي تهدف إلى تخفيف الضغط عن الشوارع السطحية وتسهيل التنقل بين شمال المدينة وجنوبها. وتُعد هذه المبادرة جزءًا من مشاريع برنامج جودة الحياة ورؤية السعودية 2030، التي تسعى لجعل المدن أكثر كفاءة وراحة للسكان والزوار. المشروع نفذته هيئة تطوير جدة بالشراكة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان.
مزايا تختصر الوقت وتعيد التوازن المروري:
ما بين تسهيل الحركة وخفض الانبعاثات، ظهرت فوائد النفق سريعًا على أرض الواقع ومن أبرز هذه المزايا:
- تقليل مدة التنقل بنسبة تصل إلى 35٪ في أوقات الذروة.
- تخفيض كبير في الانبعاثات الناتجة عن السيارات المتوقفة في الزحام.
- تحسين جودة الهواء والحد من التلوث الضوضائي.
- رفع مستوى السلامة المرورية وتقليل الحوادث بنسبة ملحوظة.
- دعم النشاط التجاري في المناطق المجاورة للنفق من خلال تسهيل الوصول إليها.
تحديات التنفيذ وكيف تم التغلب عليها:
لم يكن حفر النفق وتشييده في منطقة مزدحمة مهمة سهلة، بل واجه المشروع تحديات معقدة.
أبرز التحديات تمثلت في تحويل مسارات المرور خلال فترة الإنشاء دون التأثير على الأعمال اليومية في المنطقة. كما تطلب الأمر تنسيقًا عالي المستوى بين 7 جهات حكومية، إضافة إلى التعامل مع بنية تحتية تحت الأرض تتضمن شبكات مياه وكهرباء قديمة. رغم ذلك، تم إنجاز المشروع في الوقت المحدد، باستخدام تقنيات حفر متطورة وتخطيط هندسي ثلاثي الأبعاد.
ماذا بعد؟ مشاريع مرافقة ومستقبل النفق:
هل سيكون هذا النفق بداية لسلسلة تغييرات تحتية في المدينة؟ الدلائل تشير إلى "نعم".
تخطط أمانة جدة لتنفيذ 3 أنفاق أخرى خلال العامين القادمين، في مناطق مثل تقاطع شارع التحلية مع طريق المدينة. كما يجري العمل على ربط الأنفاق بنظام ذكي لإدارة المرور، يتيح التحكم بالحركة حسب الكثافة في الزمن الفعلي. النفق الجديد يُعد نواة لهذه المنظومة، مما يشير إلى تغيير شامل في طريقة إدارة النقل داخل المدينة.
ردود أفعال السكان والزوار:
كيف استقبل المجتمع هذا التغيير المفاجئ؟ الآراء جاءت متنوعة ولكنها إيجابية عمومًا.
وأشاد كثير من المواطنين بسرعة الانتهاء من المشروع، مشيرين إلى انخفاض واضح في الزحام عند افتتاح النفق. بعض السائقين أبدوا ارتياحهم من التصميم الحديث وسهولة المرور فيه، فيما دعا آخرون إلى تعميم هذه التجربة في مناطق أخرى من جدة، مثل طريق مكة القديم وحي الجامعة.
النفق الجديد جدة.. انطلاقة حقيقية نحو مدينة أكثر انسيابية وتنظيمًا
النفق الجديد في جدة ليس نهاية المطاف، بل انطلاقة حقيقية نحو مدينة أكثر انسيابية وتنظيمًا. في ظل المشاريع المتسارعة ومبادرات تطوير البنية التحتية، يبدو أن جدة بدأت تخطو خطوات ثابتة نحو زمن جديد، تُدفن فيه الأزمات تحت الأرض وتُبنى فوقها مسارات الأمل.
وقد يصبح هذا النفق، بكل ما يحمله من تقنيات وطموحات، هو "نقطة التحول" التي طالما انتظرها السكان في صمت.